خمس أسباب تجبرني على مقاطعة الاستفتاء على الدستور
1- الدستور موضوع من طرف واحد وهو النظام وبالتالي لن يحل الازمة ولن يرتق لمرحلة تطلعات الشعب ببناء حياة سياسية يساهم فيها الجميع مهما كانت توجهاتهم الفكرية والدينية والسياسية.
2- الغيت المادة الثامنة من الدستور المحددة لصيغة البعث الحاكم سوريا مجتمعاً ودولةً، لكن التبعيات الخاصة بحكم البعث، افكاره وشعاراته واهدافه، لا تزال ترخي ظلالها على جميع التعاريف والمفاهيم في المواد الدستورية. التعددية السياسية لا يمكن أن تبنى على قيمة عرقية، فعندها تنتقل مباشرة لخانة العنصرية، لكون الموروث العرقي صفة لا يمكن تغيرها بحسب القناعات بل يعامل بها الشخص بحسب هوية الآباء. في مجتمع متعدد الاطياف العرقية والقومية، وفي حال الاتفاق على رغبة فرض المساواة بين جميع ابناء سوريا، لا يمكن طرح فكرة الاحتكار القومي لفئة معينة، مهما كبرت أو صغرت، للحكم بطريقة دستورية.
السوري الارمني، السوري الكردي، السوري الآثوري، السوري الشركسي، مواطن سوري من الدرجة الأولى على الدستور احترام ذلك وعدم تضمين أيا تخصص بما يتعلق بالعروبة كتفضيل قومي على بقية القوميات.
3- كيف تجتمع هاتان المادتان في دستور واحد؟
دين رئيس الجمهورية الإسلام.
المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة .مثلا، قد يكون للتوزيع الديموغرافي غير المنتظم في سوريا تأثير مباشر على أن يكون رئيس سوريا من احدى المحافظتين الكبار، حلب ودمشق، قد يكون هذا الافتراض واقعا فارضا نفسه بطريقة ديمقراطية مطلقة وبإرادة شعبية حقيقية، على الجميع احترام هذا الواقع لو حدث. لكن من غير المنطقي، ومن الاجحاف بحقوق جميع المحافظات الاخرى، لو تم وضع مادة دستورية (لا يقبل بترشيح رئيس ما من خارج محافظتي حلب ودمشق). لا يمكن بالمنطق تقبل مثل هذه المادة الافتراضية التي تنال من كرامة بقية المواطنين في بقية المحافظات السورية وتضع تصنيفات قانونية وتفرق فيما بينهم، فكيف يمكن القبول بدستور يحدد دين رئيس الدولة بالإسلام ويعامل قسم من السوريين كمهاجرين شرعين.
المجتمع السوري الحالي يتقبل هذه المادة، ويبدي تعصبا عدوانيا من فكرة النقاش بها، لكن دستور البلاد عليه أن يقف على مسافة متوسطة من الجميع، وإلا لما أصبحت المواطنة فعل مساواة.
4- هل سيتم جرد الاصوات؟ كيف لي التأكد من أن صوتي سيحسب فعلا؟ في ظل أزمة الثقة ،الازمة المبررة بعد سنوات وسنوات من الضحك على اللحى، هل سيكون هناك جهات مستقلة تشرف على الفرز واعلان النتائج؟
لا اعتقد ذلك، وإن حدث هذا فعلا فعلى مؤسسات الدولة أن تبذل جهدا مضاعفا لإقناعي بنزاهة جرد الاصوات وفرزها. هي خلقت أزمة الثقة وهي التي عليها تحمل نتائج تبعياتها.
5- الاصلاح القانوني مطلب شعبي حقيقي نتيجة التهالك الفظيع الذي تعاني منه المواد القانونية والدستورية في البلاد والتي تساهم بشكل أو بآخر بطبع سوريا بهذا الطابع الوحيد اللون المطلق الصلاحيات، لكن المشكلة الاساسية التي نعاني منها والتي خرج الشارع للمطالبة بحلها، هي السلوك غير المشرع أصلا بمواد دستورية وبالأشخاص الذين اصلا لا يحترمون الدستور، فما نفع تغير مواده ان لم يكن هناك اي احترام لمضمون هذه المواد. فما بالك لو كانت الخطوط العريضة المعترض عليها للدستور السابق بكل عنصريتها وتفرقتها، وبكل الصلاحيات المطلقة وتكريسها مبدأ التسلّق على القانون والهروب بظله خارج دائرة المحاسبة. قد نُسخت إلى الدستور الجديد بدون أي تعديل أو تغيير بمضمونها.
في النهاية، لو نظرنا للدستور بعيدا عن الاحداث التي تدور فيها سوريا اليوم، وبعيدا عن الطريقة التي قدم بها الدستور، والجهات (أو بالأحرى الجهة) التي ساهمت في كتابته ووضعه أمام العامة للاستفتاء عليه.
دستور كهذا لا يختلف كثيراً عن الذي سبقه خصوصا بعدم قدرته على احلال قيمة المساواة بين الجميع، لا يمكن النقاش به أو التعامل مع تصنيف مواده والمطالبة بتصحيحها، فعندها يكون النقاش وابداء وجهات النظر لتجميل ما يمكن تجميله، أقرب لفعل التنازل عن الحقوق من فعل المشاركة. وكمواطن سوري عاصر شعبه يصرخ في الشارع مطالباً بحقوقه، لن اتنازل أو حتى أقبل التفكير بالتنازل عن أي حق من حقوقي كانسان في وطنه، وعلى دستور البلاد وكافة القوانين احترام وجودي والعمل على كفالة حقوقي كأي مواطن آخر بدون تفرقة أو اقصاء.
إضافة لكونه لا يطرح أي بعد حقيقي من شأنه تغيير تفاصيل الحياة السياسية في سوريا، لا تزال صلاحيات الرئيس المطلقة على حالها، فالحكومة مثلاً كانت ولازالت تتشكل بالتعيين بعيداً عن أي مناقشات أو مشاركة للأحزاب التي بقي واقعها الشكلي الرمزي كما هو الحال عليه في ظل البعث والجبهة الوطنية التقدمية.
"الفيتو" الرئاسي لا يزال فعالاً في مجلس الشعب كما هي صلاحية حل المجلس عن بكرة أبيه. الدولة لا تزال تشرف على عمل مؤسسات التعليم الخاصة، والعديد من النقاط التي لم يتم معالجتها ونقلت كما هي من الدستور القديم للدستور المستفتى عليه، والتي كان من الجيد التفكير بطرحها والنقاش بها وتعديلها لو كان هناك نية حقيقية بالسير نحو الامام.
قد تكون الأسباب الرئيسية الخمسة التي ذكرتها تدفعني لاختيار (لا)، لكن السبب الجوهري الذي يجبرني على المقاطعة يكمن في احترامي عدم قدرة السوريين جميعاً على التصويت أو المشاركة، يوم يستطيع الحمصي الساكن في باباعمرو، الأدلبي الساكن في جبل الزاوية، الدمشق الساكن في الزبداني، الدرعاوي الساكن في درعا البلد، النزول بحرية مطلقة دون تعريض سلامته واملاكه الشخصية للخطر، عندها يصبح الاستفتاء على الدستور شرعياً يحق لجميع السوريين المشاركة به, وعندها استطيع كسوري النزول دون الشعور بتأنيب الضمير للمشاركة بالرأي المقتنع به كما أريد وكما ينبغي أن يكون.
وانا معك مية بالمية
ردحذفالموقع حقيقي تحفه لك مني اجمل تحيه
ردحذفthe-syrian.com حملة مقاطعة الدستور
ردحذفشكرا جزيل لك اخي
ردحذفبارك الله فيك