بوعزيزي الدرس
طارق الطيب محمد البوعزيزي 19/3/1984 - 17/12/2010 |
الإنسان الذي غرست أنظمة القمع خوفاً عريقاً في نفسه يشجع كل من حوله على التطاول عليه، كما أنه يعرف هو نفسه كيف يستغل الفرصة للتطاول على الآخرين حيث يرى تلك الفرصة سانحة.
ولهذا فإن الطغيان يريد غرس هذه الرهبة الدائمة لكي يضمن استقراره، وحين يكون لأصغر ممثل في السلطة رهبته فإن هذا يعني أن النظام مستقر، ولن يزعجه أحد بالمطالبة بالحقوق. إن الجميع يتحولون إلى قطيع مذعور منتظر بسلبية مطلقة، ينتظر أن تمن عليه السلطات بالإنجازات، بل إنه يصبح أكثر ميلاً للإرضاء والمحاباة.
هذا قد ينقلنا إلى مسألة المواطنة وحقوقها، وربما إلى فهم آلية الديمقراطية التي نسعى للعيش فيها. فحين تسكت عن حقك الواضح، بسبب الخوف غالباً، فإنك لن تتوقع من الآخر أن يحترم لك هذا الحق، يستصرف في المرة القادمة وكأن التطاول على حقوقك من المسلّمات.
وهنا نعود مرة أخرى إلى الخوف، فهذا الخوف هو الذي يغري السلطة وأطرافها بالتصرف من دون إقامة أي اعتبار لوجودك، بل إنك تثير شهية الاعتداء والتطاول عليك يومياً.
وهكذا يتطاول عليك عنصر المخابرات والشرطي والموظف والآذن وأقرباؤهم وأنسباؤهم، والمدّعون بهذه الوظيفة أو بتلك القرابة.
ولكنك إذ تدافع عن حقك، حتى لو لم تحصل عليه، أو تستطيع حمايته في النهاية، فإنك تجعل الطرف الآخر يتصرف بحسابات أكثر دقة، وفيها اعتبار لك، واحترام.
ولو أنك وقفت تدافع عن حقك بقوة لتقلصت شهوات المتسلبطين كثيراً، فالمتسلبط يعتمد على إشاعة الخوف، وليس على توليده في كل مرة، ليس مستعداً لأن يخوض معركة في كل مرة يريد فيها أن يتسلبط.
وهذا يعني أن المجتمع الديمقراطي يجب أن يقوم على أساس وجود مواطنين لا يتهاونون في حقوقهم، وأن السلبطة والاستبداد يتماديان عند وجود مواطنين يسكتون عن حقوقهم أو يخافون من المطالبة بها، لأن السلطة أيضاً لا يريحها أن تضطر لخوض معركة مع مواطنيها كلما تهاونت أو تساهلت في التعامل معهم أو كلما أرادت أن تقوم بفعل مناقض لمصلحة الشعب.
ونصل هنا إلى العلاقة التبادلية بين الخوف والحق، فحين تقف بقوة دفاعاً عن حقك فإنك لا تعتمد على قوتك وحدها، بل على عرف أو قانون يمكن الرجوع عند الحاجة إليه لكي ينصفك.
ولكن إذا رجعت إلى هذه المرجعية العرفية أو القانونية ولم تستطع أن تحميك، أو لم تحاول ذلك، بل ربما ساندت المتطاول عليك، فإن هذا سيكون "درساً" للآخرين يجعلهم يتهاونون في الدفاع عن حقوقهم لكي لا "يتورطوا" مثل ورطتك.
ولكن قد يحدث ألا يتلقى المواطنون "الدرس"، فيعلنون تضامنهم مع الحق المهدور. هكذا، أو لهذا، تحدث الثورات، يقوم الناس كلهم لمناصرة القضية التي قد لا تعني الأمر نفسه لكل منهم شخصياً، كما يحدث حين يخرج سجين من التعذيب جثة هامدة، وحين يتكرر ذلك.
في الذكرى السنوية الأولى لوفاة البوعزيزي
من كتاب حيونة الانسان للكاتب السوري ممدوح عدوان
قسم "مسؤولية الضحايا"
الله يرحمه يارب .. فعلا كان هو الدرس الذي تعلم منه الكثير .
ردحذفسعيدة بمروري من هنا ..
آمين :)
ردحذفالله يرحمه كان درس قاسى ولكن سبب افاقة لكل الشعوب وربنا يحفظ اوطاننا امين
ردحذفصديقتي المصرية :)
ردحذفكيفك ؟
مشكورين جداا على المدونة الهايلة دى .. مع ارق تحياتى
ردحذفشكرا جزيل لك اخي
ردحذفبارك الله فيك