الأرصاد الجوية هل هي علم أم مجرد تنبؤات

للبت في القضية علينا الالمام بالفرق بين كلمة تقرير وكلمة توقعات او تنبؤات . فالصيغة التقريرية لا تدع للخطأ مكاناً بين طياتها أي أنها تقدم معلوماتها بصورة إطارها الحقيقة واليقين أما الثانية فتترك مجالاً للشك أو الخطأ .وكأننا نتحدث بشكل أو بآخر عن الفرق بين العلوم الفيزيائية والعلوم النظرية ضمن دراسة الظاهرة الفيزيائية الواحدة.

فالدراسات النظرية للحوادث الفيزيائية تختلف عن التطبيق المباشر لها كون الأولى تتناسى الأخطاء وتفرض مثالية البيئة المحيطية وتستخلص النتائج التي نظرياً سيتم الحصول عليها في حال مماثلة الواقع للشروط المفروضة نظرياً عند اجراء الدراسة ، أما الثانية فتخضع لهذه الأخطاء وتعتبرها جزءاً لا يتجزأ من كيانها وأكثر العلوم تطوراً هو من يحاول معالجة هذه الأخطاء مع الإقرار بعدم القدرة على نفيها بشكل مطلق .

التوقعات تنتهي نظرياً أو لنقل تسعى للوصول إلى المثالية أي الوصول لمرحلة السيطرة الكاملة على الخطأ وعادة ما يتم ذلك بشمل الخطأ ضمن الدراسة النظرية وأخذه بعين الاعتبار ودراسته كعنصر موجود ومؤثر في الجملة لا كعنصر هامشي يمكن غض الطرف عنه .

مثلاً في مجال التحكم بالأنظمة الرقمية هناك دائماً وأبداً وجود لشعاع خطأ مؤثر على النظام يرمز له عادةً بحرف e (من كلمة error ) يختلف الخطأ تبعاً للنظام فقد يكون ضجيجاً أو عدم مثالية العناصر الالكترونية المستخدمة مما يسبب ضياع في الطاقة أو تأخيرات زمنية بين لحظة العمل الفعلية واللحظة النظرية . هذه الأخطاء الناتجة عن الواقع تشكل فرقاً بين أداء النظام الموافق للدراسة النظرية وأداء النظام في واقع الحياة العملية ، تطوير علم التحكم للوصول لما وصل إليه من التعرف على الأشكال أو مراقبة الأجسام أو التحكم بأذرع الروبوت وقيادة المعامل وإقلاع المحركات .. الخ من التطبيقات التي يستحال احصائها ما كان ليتم لولا أنظمة التحكم التكيفي Robust Adaptive Control التي تحاول التقليل من الخطأ والوصول لأقرب نقطة تطابق بين النتيجة المفترض الحصول عليها نظرياً والنتيجة الحقيقية .

قس على ذلك احتمال وجود الأخطاء في العمليات الجراحية أو سرعة سير المركبات بين الطاقة المقدمة والسرعة الواقعية غير المتوافقة مع قيمة الطاقة ( نتيجة لوجود الضياعات كالاحتكاك ومقاومة الهواء .. الخ من المسببات ) وجميع مجالات الحياة التي تكاد لا تخلو من وجود اختلاف بين الواقع المعترف بوجود الخطأ والدراسات النظرية النافية لحدوثه .

بالعودة إلى علم الطقس وتقدير الأخطاء فيه . النقطة الأكثر احتمالية لوجود الخطأ فيها تكمن في بنية الغلاف الجوي الذي يعرَّف على أنه طبقة الغازات المحيطة بالجسم المادي . غلافنا الجوي الأرضي يتألف من العديد من الطبقات التروبوسفير الستراتوسفير، ميزوسفير، ثيروموسفير المختلفة فيزيائياً فيما بينها إضافة إلى وجود الغلاف المغناطيسي للأرض .

طبعاً التسميات واضح أنها عسيرة الفهم لغير أهل الاختصاص ويكفي إدراك حقيقة اختلاف معدل التغير في درجة الحرارة مع الارتفاع بين الطبقات من جهة وضمن الطبقة الواحدة من جهة أخرى . يعود الاختلاف بين الطبقات لتباين بنيتها أما الاختلاف ضمن الطبقة الواحدة فعلّته في عدم تجانس الطبقة وعدم صحة تقديرها بقيمة واحدة وثابتة للتغير بالتضاريس الجغرافية للكرة الأرضية وهذا ما يجعلها مصدر مزعج للأخطاء يحتاج الباحث فيها دقة فائقة في التعامل معها لمعرفتها وتقديرها بشكل مؤكد ونهائي ( الأمر الذي لم يتم لحد كتابة هذه الكلمات ) .

دراسة بنية هذه الطبقات لا تزال محط اهتمام ومنافسة في المجال الحربي وبالتحديد في الصواريخ العابرة للقارات .

التي يقوم مبدأ عملها على الخروج خارج نطاق الغلاف الجوي لتسبح في الفضاء لتعود الدخول ضمن الغلاف الجوي والسقوط بعدها في مكانها المحدد . عملية الخروج والدخول ضمن الغلاف الجوي يجعلها خاضعة لاختلاف الطبقات الخاصة بالغلاف الجوي والذي كما أشرت مسبقاً تتأثر معدلاته وسويّته بحسب التضاريس الجغرافية للكرة الأرضية بين المرتفعات والمنخفضات ، يظهر هذا الاختلاف كخطأ في مكان السقوط وهذا ما يشار إليه عند سرد مواصفات الصواريخ بدائرة إصابة الهدف .

ولمعرفة مجال الأخطاء التي من ممكن وقوعها لابد من الإلمام بكافة التقننيات المستخدمة للقياس . وكأي علم من العلوم متفرع التوجهات والمدارس يوجد أكثر من منشأ للنظرية وأكثر من طريقة لمعالجة البيانات الخاصة بالرصد الجوي لتقديم التقارير والتنبؤات تم إقرارها علمياً من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية WMO-World Meteorological Organization، تختلف فيما بينها بطريقة معالجة البيانات أو بطريقة الحصول عليها وفي الرابط التالي موجز سريع وبسيط بلغة عربية ميسرة الفهم لمن يود الخوض أكثر في مغاوير هذا العلم الواسع الأفق .
الرابط : التنبؤات الجوية

في النهاية علينا إدراك أن حدوث خطأ ما في تحديد حالة الطقس ( والمتابع للتقارير الرسمية للمواقع الاختصاصية يدرك تناقص حدوثه لدرجة نفيه في السنوات السابقة بعد الاعتماد الكلي على الأقمار الصناعية ) جزء لا يتجزأ من هذا العلم الذي يسعى للتطور والتقدم للمساهمة في تحسين الحياة البشرية ومساعدتها قدر الإمكان على تجاوز الأزمات الجوية من أعاصير وزلازل . ومن يدري فقد نصل في المستقبل لمرحلة إلمام كامل بهذا العلم لمرحلة لن نتمكن فيها فقط من مراقبته بل إلى التأثير عليه والتحكم به .

ملاحظة : أجريت هذا البحث البسيط بعد معمعة البوطي وكثرة الأخذ والرد في موضوع صلاة الاستسقاء وقدرتها على التحكم بالمصائر في ظل عدم اعتراف المؤيدين لها ( أي لصلاة الاستسقاء ) بوجود علم قائم وعريق يدعى مراقبة الطقس
(تم وضع أول قواعده العلمية على يد أرسطو قبل الميلاد بقرنين ونصف من الزمن وينسبه آخرون للحضارة البابلية وبالتحديد للقرن السادس قبل الميلاد ) . وإسقاطه من دائرة العلوم لحمله أخطاءً في التقدير !!
ففي ظل التجاهل الغريب للدلائل الملموسة المقدمة من المواقع الالكترونية والتي تمنحك دقة في معرفة حالة الطقس للحظة الراهنة والمستقبلية والتي من الممكن أن تصل لحد الأسبوع كخدمة مجانية ( اختبر واحداً منها بنفسك أينما كنت في سوريا ) وفي ظل تعجبي الشخصي من هذه المنهجية التي تجعلنا في حال سيرنا وفق هذا السياق نفضل التطبب بالسحر والشعوذة بدل العيادات الطبية كون الأخير يحمل احتمالاً للخطأ ( وبالتالي فهو ليس علماً بحسب النظرة العرجاء للواقع والحياة !! ) كان لابد من كتابة هذه الكلمات بعد أن سبقتها ببحث صغير كنت أنا المستفيد الأول وليس الأخير من الإلمام به والتعرف عليه .

تعليقات

  1. شو هالعلم كلو؟
    أووف
    تغيير خطير بالمنحى الحياتي عندك
    بس معلش مع ذلك اشتقتلك

    ردحذف
  2. لا تحسدني لا تحسدني
    خيو بكل الاحوال العلم مافي حشيش ( يمكن هاد الوحيد اللي مافيو حشيش بالبشرية )
    فانو اذا شفتنا راكز عراف اني شايلي شي مسطرة T تبع الهندسة او شي من هلشي

    ردحذف
  3. عم قدر ظروفك صديقي الله وكيلك مسطرة تي وبي وجي الله يكون بعونك بس درلي بالك من تبع الهندسة :)

    ردحذف
  4. رح حط تعليق وحيد هون بركي ابتستوعب الفكرة بمدونتك.

    الي بقول إنو الأرصاد الجوية مانها علم بكون جاهل و أمي لأن الأرصاد الجوية مبنية على علم و تحليل و صور ملتقطة من أقمار صناعية ، يعنيي هي علم أكيد و هناك مختصون فيها .

    و لم أتفوه بكلمة تنكر أنه علم .

    لكن و ركز على كلمة لكن التحليل المستخلص من هذا العلم لا يعني بالضرورة تحققه .

    على سبيل المثال : يكون متوقع هطول المطر يوم السبت فتأتي فجأة رياح قوية غير متوقعة فتذهب تلك الغيوم الماطرة و تبددها فلا يهطل المطر .

    هذا يحدث كثيراً ، مرات لا تحصى يتوقعون هطول الامطار فلا تهطل و مرات كثيرة يتوقعون يوم مشمس فيكون يوم ماطر شديد البرودة .

    و لهذا السبب يسمونها توقعات و تنبؤات .

    السبب بعدم تمكنهم من التأكد من نتائج التحليل أن الجو قد يتغير في لحظات فتهب رياح قوية أو قد تتبدد الغيويم الماطرة و هكذا .

    يعني ليس بالضرورة عند توقع هطول الأمطار أن تهطل الأمطار و الدليل على هذا أنه حالات كثيرة يتم التوقع ولا يتحقق ما تم توقعه !

    و أخيراً فإن علم الأرصاد الجوية ليس هو من يسبب هطول الامطار و إنما الخالق الذي بيده كل هذا يمنعه عن بلاد و ينعم به على بلاد إما بعمل رجل صالح أو بدعاء مسكين أو بصلاة إستسقاء و غيره .

    و ليس علم الارصاد من يسبب هطول الأمطار هم يحللون لكن في النهاية يتوقعون .

    إيماننا بأن الله هو من يأمر السماء فتمطر يعني إيماننا بالضرورة أن الصلاة له و الدعاء سيسبب هطول المطر لو استجاب الله لهذه الصلاة و الدعاء .

    أم من لا يؤمن بالله ( و هذا شأنه ) لو ناقشته ألف مرة لن يؤمن لا بدعاء ولا بصلاة .

    و لذلك الملحد الغير مؤمن بوجود الله أود سؤاله سؤال واحد فقط ..

    لو كانت الطبيعة هي المسببة لنزول المطر ولا علاقة لها بالخالق لماذا هناك حالات كثيرة سجلها التاريخ كان هطول المطر بسبب صلاة الإستسقاء !

    أحد الأمثلة المسجلة في التاريخ الحديث للشيخ الشعراوي رحمه الله الذي طلب منه القيام بصلاة الإستسقاء بعد جفاف شديد و احتابس شديد للمطر و لم يكن هناك لا توقع لهطول المطر ولا غيره و بعد انتهائه من الصلاة هطل مطر غزير لم تشهد مثله البلاد ؟

    بإمكانكم التأكد من الموضوع بأنفسكم و قس على هذا حالات كثيرة .

    و أخيراً ، دعنا نفترض أن صلاة الإستسقاء ليست هي المسببة لهطول المطر ، لكن لنتفق أن الدعاء و التضرع للخالق مهما كانت الطريقة هي المسببة لهذا الهطول .

    و أقول للملحدين ، يقول الله تبارك و تعالى " إنما يخشى الله من عباده العلماء " تعني هذه الآية عباد الله العلماء هم أكثرهم خشية منه لأنهم أقرب الناس إدراك لقدرة الخالق و كم من عالم أسلم بسبب ما توصل إليه من علم و بسبب ما وجد في القرآن الكريم من إعجاز علمي كبير .

    يعني العلم لا يتعارض مع الإيمان بصلاة و دعاء ، فالعلم يرصد مافي الطبيعة من تغيرات لكن الله هو المسبب لتلك التغيرات .

    أما علمهم مسبقاً بهطول المطر قبل صلاة الإستسقاء فلو سلمنا جداً انها مؤامرة فالنقاش في الموضوع يطول لو تحدثنا عن القضاء و القدر و أن كل شيئ مكتوب عند الله و أنه يعلم بفعل صلاة الإستسقاء في سوريا في تلك الساعة و الزمان قبد أن تولد دولة سوريا و من فيها .


    في الختام اتمنى أن يهدينا و إياكم الله للصراط المستقيم

    لا عودة .

    ردحذف
  5. @ كنان : داير بالي لا تاكل هم :D :D :D

    @محمد
    بما انك فايت وحاطط الهريبة ببالك فمافي شي بيستاهل ينرد عليو
    انا ما بكتب بهدف الكتابة .. للأسف خيرها بغيرها

    ردحذف
  6. خيو... يعطيك العافية عالجهد المبذول..ـ
    في نقطة أظن بأنها غفلت عنك.. وهي أن نسبة الخطأ المتوقع تتعلق بأدوات وإمكانيات الرصد المستخدمة.. وهذا يعني أنه في الدول الأقل تقدماً سيكون مجال الخطأ أكبر..

    وكما قلت في المدونة تضاءل هذا الخطأ ليكاد يصبح معدوماً.. لدرجة أنهم بدؤوا يضعون النشرة الجوية بالساعة.. وهي دقيقة بشكل مرضي..ـ

    بالنسبة لمحمد هو لا يحب النقاش خارج مدونته لأنه لا يستطيع حذف ما يصدر من زلاته الكثيرة.. وبشكل عام النقاش معه مضيعة للوقت لا أكثر..ـ

    تحياتي

    ردحذف
  7. @سومر
    انا ما قدرت احكي على الطقس بشكل خصوصي فيو ببساطة لأني ماني اختصاصي بالطقس بس حبيت وضح فكرة وجود الخطأ ليش وكيف سببها

    بخصوص معرفة حالة الطقس انا جربتها باكتر من محل وباكتر من مناسبة المعرفة الآنية .. مضحك وقت شخص بقلك انو ( بتظهر ) تيارات خارجية لتغير حالة الطقس وكأنو عملية القياس الآنية عم اتم بأجهزة قياس فيزيائي زيبقي !!

    انو عم يتم رصد درجة الحرارة والرطوبة وسرعة الرياح لكل نقاط الكرة الارضية وبعد بتلاقي عالم مصرّة على انو خطأ القياس تابع من ظهور اشياء غير معروفة المصدر !

    اما بخصوص محمد وبحب الحديث عن هلنقطة هون بهلصفحة فقط باعتباروا قادر يطلع عليها وحتى ما يصير الحكي من ورا ضهره

    انا بكل بساطة ما بقدر فوت بحوار مع شخص مانو محترمني ومانو محترم النقاش معي
    من قلة اللبقاقة انك تحكي رايك وتمارس شموليتك علقدامك وتمنعوا يحكي رأيو .. بغض النظر عن الاساليب
    سواء بحذف/تعديل التعليقات أو بمنع التاني من الحكي !!
    اختلفت اساليب القمع والفكرة واحدة ( عدم احترام الآخر )

    فانو ما عندي هواية انفخ قلبي على شي فاضي

    ردحذف

إرسال تعليق

لم ولن يتم فرض أي رقابة على التعليقات أو المساس بها من تعديل أو حذف.

عبّر عن رأيك بحريّة

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة نقدية في القوقعة : يوميات متلصص

حقارة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى

وسائل الاعلام " المفقودة "