انكسار

أبشع اللحظات تلك التي تسمع فيها صوتها على الهاتف وتشعر بقلقها وتوترها لمعرفتها أنك تسير وحيداً في الساعة الثالثة فجراً ، لتسمع وتصغي باهتمام كبير إلى صوت زفير تنفسها ، تحاول تخيل تقاسيم وجهها ... الآن تتنفس .. الآن تزفر الهواء .. الآن تتنهد وترفع عيناها إلى السماء .. تتخيلها بصمت في الوقت الذي تسمع صوت تنفسها من خلال سماعة الهاتف وتمانع نفسك عن الحديث معها . تسألك عن حالك فتجيبها بالصمت ، عن مكانك ، عن سبب علو ضجيج الهواء الضارب بالهاتف ، عن حالتك النفسية ، عن مقدار ألمك ، تتعدد الأسئلة واجابتك واحدة ... الصمت


تعلم أنه اتصال "غير طبيعي" من شخص "غير طبيعي " في وقت "غير طبيعي " ومع ذلك تحاول قتل أحاسيسك وقلبك وذكريات السنوات الأربع الماضية بشكل "غير طبيعي" للوصول إلى حالة جديدة من الاستقرار وتآلف جديد مع الواقع المفروض عليك .


عدت إلى منزل بعد أن تبللت بالمطر وأخذ مني التعب ما أخذ ، جلست مبللاً على كرسيّ الخشبي واضعا جهازي المحمول في حضني ، أتصفح مدونتي باحثاً عنها في أرقام الآيبيات ، أرقام لم تعني لي شيئاً أصبحت تشكل الأمل في رؤية شيء متعلق بها لرؤية اشارة قد أشفي فيها قلقي ورجاءي .


يجب التعوّد على النمط الجديد للحياة الجديدة .
تباً لهذه الحياة التي تكون لحظاتك فيها ليست لتحيى بها بل لتقضيها بين نبش الذكريات والهروب من دفق المشاعر الذي نبشت لتوك مكامنه . الوقت ليس أكثر من مجرد فترات منحها القدر لك كي تسترد بها ما قد انتهى واعتقك ، تقتله في البحث عنها في صوركم المشتركة ، تمعن النظر في كل صورة متمنيا أن تسمع صوتها وتبرق عيناها فيها .كل ما تملكه الآن يقتصر على مجموعة منتهية من الصور وأخرى غير منتهية من الذكريات التي تحاول الهروب منها كي تستطيع النوم فتجدها متسللة إليك مع كل من يحيط بك ، وإن حاولت هجر كل تلك الذكريات .. هل ستهجر الطرقات ؟ هل ستهجر الأماكن ؟ هل ستعيش تحت سماء جديدة ؟ هل ستتوقف رياح شباط عن لفح وجهك ؟ هل ستمتنع الأشجار عن إلقاء ظلالها ؟ وماذا بعد ذلك ، هل ستنكر ذاتك بعد أن تنكر محيطك وحياتك ؟


وجدت ضالتي بقرار الهروب إلى الجبال ، يقال أن النساك قد عاشوا هناك هربا من الدنيا وطمعا بالقرب من الله ، أعلم أن الجبال لن تقربني من الله وأن علوه لن يبعدها عني ، ومع ذلك سأهرب بحثاً عن معنويات تحملني في حياتي .. لمتابعة حياتي .

10 - 2 - 2010

تعليقات

  1. لو وقف العالم والمال والاسر والعادات والدين ضد حبيبين لكى يضمن فرقتهما لن ولم يتفرقا الا اذا اراد واحد على الاقل منهما ذلك !
    الفراق لا يأتى من عوامل خارجية الفراق اللعين ياتى من واحد من طرفى العلاقة
    اذا افترقت عن حبيبتك لاسباب او عوامل خارجية فسحقا وتبا للعالم والجميع والمال و اللغه و الدين والسن و المال وعد لها ودعها تعود لك.
    اقترب منها ودعها تقترب معا فى منزل واحد ستنسحق تحت ارادتكما اى ارادة دخيلة ترغب فى موت ما يريدة الله حيا .
    تحياتى

    ردحذف
  2. اينما هربت ستجد الشمس والريح ودقات قلبك كلها ستعيدك ..
    مالفائدة من الهروب دامها تسكن فيك ؟؟

    ردحذف
  3. @Kontiki

    بالضبط من طرفي العلاقة ..

    @دعدوشة
    لذلك لم استطع الحراك شبراً واحداً خارج مدينتي

    بالمناسبة
    ما كتب في الأعلى يعودي إلى أسبوع مضى ( أو أقل )عندما كنت في أتعس حالاتي النفسية

    الآن تغير الكثير من المقايس وعادت الابتسامة لتحتل مكانها

    ردحذف
  4. جبرا لاتخلي ولا شي بالدنيا يزعلك
    لانو انت ما بتستاهل انك تزعل ابدا

    ردحذف
  5. لحظات مرّت .. لا بدّ منها بين الفينة والأخرى ..

    قلم حقيقي .

    ردحذف
  6. عزيزي غابرييل : أمرّ عذاب وأحلى .... عذاب الحب للأحباب
    دمت عاشقاً ومحباً

    ردحذف
  7. @غير معروف
    بتعرفي البير وغطاه

    @المجنون
    الحديث عن الحياة واقعي من واقعية الحياة
    شكرا لك

    @ابن البلد
    جميلة أمنيتك


    تحياتي

    ردحذف
  8. طلع المهم انو كل الحكي مجرد حكي
    يعني يا عزيزي Kontiki
    حكيك فيو شي من الصحة
    بس للاسف هيك قصص بتصير صعبة على بعض العالم انو يتحكموا فيها
    ويبدو ان ما يريده الله ان يحيا لن يحيا

    ردحذف
  9. انت جبان

    ردحذف
  10. سأمر يا صديق الحرف هنا

    تقبل الود

    ردحذف

إرسال تعليق

لم ولن يتم فرض أي رقابة على التعليقات أو المساس بها من تعديل أو حذف.

عبّر عن رأيك بحريّة

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة نقدية في القوقعة : يوميات متلصص

حقارة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى