ع . س




بداية كل عام يقوم الطلاب بدفع الرسوم المترتبة عليهم لضمهم إلى الجامعة والاعتراف رسمياً بهم طلاباً في كلياتهم ، في الجامعات الحكومية السورية يحمل التسجيل إلى حد كبير شكل المعاملات لما فيه من وطوابع مالية واستمارات انتساب ( عليك في بداية كل عام التصريح عن اسمك وعمرك واسم عائلتك وتعبئة خانة شعبة التجنيد والقيد ، وكأنها معلومات متغيرة من عام لعام ! ) ولن تكتمل صورة المعاملات الحكومية لو غاب التسلسل المكتبي الذي يكون عادة متواجداً وحاضراً وبقوة ، وبناء على ذلك يتنقل الطالب بين الأقسام والمكاتب آخذاً دور مقبل الأقدام للحصول على توقيع النفيس للموظفين المستمتعين بإذلال المراجعين .. عفوا الطلاب .

تتألف هرمية عملية التسجيل في الجامعات الحكومية من ثلاثة أقسام أو ثلاثة مراحل بالشكل التالي :

- المرحلة الأولى في الامتحانات ، وفيها يقوم الطالب بالبحث يداً بيد مع الموظفين في قسم الامتحانات عن صفحته الشخصية بين المجلدات ، تنتهي بوضع ختم الموظف أو الموظفة كعلامة اعتراف موثقة أنك طالب ناجح بالسنة السابقة وأنك قد نجحت في دراستك ولازلت طالباً في هذه الكلية ... مرحلة أتعجب سبب وجودها وكأن الطالب قادم من كوكب آخر ويبحث عن طريقة ليثبت فيها حقيقة وجوده وواقع دراسته !

- المرحلة الثانية وفيها يتم تحديد السعر الذي يترتب على الطالب دفعه لاستكمال عملية التسجيل .

- المرحلة الثالثة والأخيرة يتم بها دفع الرسوم المترتبة على الطالب بحسب المرحلة الثانية ليدفعها ويُكتب على الهوية الجامعية تاريخ التسجيل الموافق ، وبعدها يُعترف بالطالب رسمياّ على أنه جزء من الجامعة .

المرحلة الثانية هي المرحلة التي أوقفتني والتي دفعتني للكتابة عنها ، الرسوم الخاصة بالطلاب تختلف من طالب لآخر فالطالب الجامعي الذي انتسب إلى الجامعة بموجب المفاضلة العامة يدفع مبلغ يقل عن ألف ليرة ، أما الطالب المنتسب بموجب مفاضلة التعليم الموازي يدفع تقريبا مئة وعشرة آلاف أو ما يزيد عن المبلغ بقليل ( بالنسبة لطلاب الهندسة )
ويختلف المبلغ بالنسبة للطلاب المستجدين والطلاب الراسبين لمرة أو لمرتين ، لذلك يقوم الموظف/ة بالسؤال عن مجموعة من المعلومات الخاصة بالطالب ليحدد بناء على حالة الطالب وبموجب قرارات وزارة التعليم العالي المبلغ المترتب دفعه ، ضمن الأسئلة سؤال يتعلق بالجنسية التي يحملها الطالب.

عند معرفة الموظف أنك سوري يملئ الخانة الموافقة للجنسية بالحرفين ( ع . س ) سألت الموظف عن دلالتهما ( مع أن الدلالة واضحة وبديهية إلا أنني لم ارغب بالدخول في جدال مبني على فرضية مني لذلك انتظرت الإجابة بعد أن لبست رداء الطالب الغبي ) أجابني أنها اختصار للكلمتين ( عربي سوري ) قلت له فورا ، وإن كنت سورياً ولو أكن عربياً هل ستتغير الرسوم التي يتوجب عليّ دفعها ؟ الموظف الضجران من المراجعين أعتقد أنني أخطأت بصيغة السؤال وأنني استفسر عن المبلغ الذي يتم دفعه من الطلاب العرب غير السوريين فقدم لي تقريرا موجزا عن كيفية استقبال طلاب الجامعة للعرب غير السوريين والمبالغ التي يقومون بدفعها والحسومات التي يحصلون عليها .أعدت توضيح السؤال والاستفسار عن آلية التعامل مع الطلاب السوريين الذين لا ينتمون للأمة العربية ، للأسف .. الخلفية الثقافية للموظف لم تسعفه في فهم السؤال ولم يستوعب كيف أن سوريا كدولة ووطن قد يكون بها سوريون غير العرب ، وأعاد مرارا وتكرارا تعجبه " كيف يعني سوريين ومانن عرب ؟ " وفي كل مرة يزداد استغراباً من سماكة مخي وغباء سؤالي !

تيار العروبة بشموليته وتفشيه في العقلية السورية وبسبب الشرعية التي حملتها له السنوات الماضية بات جزءا من الهوية السورية لدرجة أصبحت فيها جميع القوميات الأخرى المغايرة للعروبة ساقطة قطعاً ولا تشكل أي نسبة أمام فكر العروبة ! لا أتحدث عن الأقليات القومية السورية كالأرمن والشراكس والتركمان والسريان ، أتحدث عن سقوط أقوى وعن هوية أكبر قد تم شطبها بسبب تفشي الفكر العروبي ( الفكر المنادي بالقومية العربية ) ألا وهي القومية السورية ، العروبة لا تعترف بسوريا وطناً مستقلاً بل تعتبره جزءاً من وطن كبير يدعى بالوطن العربي لذلك لا وجود لفكر وطني سوري لغياب سوريا الوطن !

لو كان الأمر بيدي لما رضيت أن اخرج من مكتب الموظف قبل كتابة كلمة " سوري الجنسية " بالخط العريض عوضاً عن حرفي العين والسين الذين لا يمثلاني ولا يعبران عن حقيقة وجودي وهويتي . لكن الواقع يقتضي في كثير من الأحيان الصمت أثناء الأحداث والضحك عند كتابتها ضمن اليوميات الشخصية والشعور بالغضب ليلاً قبل النوم .




ملاحظة : غوغلت ( من الفعل google ) عن صورة تمثل الجمهورية السورية ، أو فكرة القومية الوطنية السورية ولم أجد إلا الزوبعة ، وبما أن الزوبعة لا تروق لي وتيارها لا يتفق مع أهوائي وأفكاري فضلت الاكتفاء بوضع النسر السوري والإشارة إليه في ملاحظة ختامية .

تعليقات

  1. برافو...برافو
    من زمان يا رجل... من زمان
    الرب معك

    ردحذف
  2. أهلا بالفينيقي

    :D

    ردحذف
  3. كتير غريب هلأ لو بكون الشخص أرمني أو تركي سوري بسجل بسعر أكتر؟ يعني قصدي بكون في تمييز عنصري؟ ماقدرت أفهم هالنقطة !!

    وبالنسبة للتسجيل ف كمان بالأردن بيختلف الوضع في شي عنا (تنافس)و شي إسمو (موازي) والموازي بيدفع تقريباً 3 أضعاف التنافس !!!

    وفي كمان التمييز بالشهادة إذا بتكون أردنية أو غير أردنية كمان الغير أردنية بتدفع 3 أضعاف مع إن الشخص أردني بس مغترب :p

    يعني عادي جداً, بس قصة ع.س هاي ضحكتني كتيير ،ما بالآخر إنت سوري كيف ما رحت وكيف ما جيت معك جواز سوري شو الفرق؟ :\

    ردحذف
  4. بداية توقفت عند البند الأول وهو بيانات الطالب ، اسمه اسم امه وابوه وجده وجدته ووضعه وحياته وكل شيء يخصه ، يعني الفكرة أنه أصبح لكل مواطن رقم وطني ، طيب ما في ببرامج الكومبيوتر اختراع اسمه تخزين بيانات وطلبها حسب الرقم ، يعني نفس البيانات بتنطلب من الشخص مليون مرة بحياته ، يمكن الاستعاضة عنها بذكر الرقم الوطني وصلى الله وبارك .

    بالنسبة لسوري غير عربي وما شابه ، تستوقفني دعوات الجوار كلها ، يبدو انهم تخلصوا من عقدة القومية العربية واصبح الكل ينادي : " لبنان اولاً" " الأردن أولاً " " هابوب ودابوب أولاً " .. إلخ .
    ع قبال عندنا .

    تحية لك غابي الحبيب .

    ردحذف
  5. شيماء : النقطة هي أنه اذا كنت سوري فلازم تكون عربي .. مافي بالقصة دفع أكتر بالعكس تماما .. مافي اعتراف بالشخص اساساً إلا اذا كان "عربي سوري "

    الفرق هوي اعتراف بهوية وتشويه فكر وثقافة ربينا عليه وعم يتم تعليمه يوميا بمدارسنا

    ردحذف
  6. هاني : سماع لئلك هلنفة
    دراستي الجامعية متمحورة بعملية البرمجة الاكترونية الصناعية والتطبيقية
    يعني .. نماذج المايكرو كونترولر وميكرو بروسيسر والباركود وكل هلقصص هية مجالنا وملعبنا والشيء المطلوب مننا نعمله بالحياة العملية

    ولسخافة الوضع أنه مشاريع التخرج عم تتناول هلمواضيع وعم تطبيقها مباشرة بالكليات الأخرى متل كلية الاقصتاد والميكانيك .. وبجامعتنا لسع ما اتطبقت !!!!!


    بقلوا بالعامية "اخيراً وليس آخراً "
    لأن آخراً بتجي بالاخير والنهاية والأقل أهمية
    فـ سوريا آخراً بحسب الشي المعمول فيه

    *بعتذر على ذكر الاسماء بالعربي .. بس جربت بالانكليزي فات التعليق بالحيط

    ردحذف
  7. أنا الصراحة شو دخلني بالمواطن في دولة شقيقة الذي بالمقابل يقول عنني كذا و كذا مع انو نحن الاثنين عرب .
    انا سوري و معتز بهذا الشي و مالي علاقة بحدا خلينا نهتم و تعرف اكتر عن معنى كلمة سوري و بعدين نهتم بالعربي

    ردحذف
  8. غير معروف
    قاعدين انا وانت بنفس الصف
    :D

    ردحذف
  9. اي وانا وانا كمان كتبولي نفس الشي ..وابتسمت بانزعاج..
    (مصطلح "ابتسمت بانزعاج" يطول شرحو)..

    اي وهي نسر اقدم:
    http://i50.tinypic.com/2j2j708.png

    ردحذف
  10. مرحبا صديق ...
    لطالما كانت كلمة عربي سوري والجمهورية العربية السورية تثير إشمئزازي ..وبقية القوم ممن هم أبناء الوطن ...لهم الإله ؟
    تلك هي مجتمعاتنا التي لم تصل بعد مرحلة المواطنة لكي تعلم كيف يمكن أن نبني وطناً بعيداً عن قبلية القبيلة ...
    لا تختلف القوميات جميعا سواء منها السورية والعربية والكردية بأقل تفصيل عن إنتماء المرء للطائفة ...وكلها إنتماءات ما قبل الوطن ومن يصرخ بإسمها لا يصرخ إلا بإسم القبيلة التي توغل في التأصل فيه وبوحشية
    شكرا وتحياتي الحارة

    ردحذف
  11. لفت نظري كلامك
    فعلا ليش اذا كان سوري لازم يكون عربي
    .. هل اصبحت العروبة اجبارية على الكردي والارمني وغيرهم !!

    ردحذف
  12. يحوي هذا الوطن الغالي من الامور الغريبة العجيبة ماتقشر له ابدان الصراصير والقمل والجنادب الصغيرة وبعض انواع الجنادب الكبيرة التي تعيش بالقرب من بحيرة فكتوريا وبعض انواع السحالي المنقرضة ما قبل انقراض الديناصور وبعض انواع البكتيريا التي تعيش في الجزء الشمالي من كوكب عطارد

    ردحذف

إرسال تعليق

لم ولن يتم فرض أي رقابة على التعليقات أو المساس بها من تعديل أو حذف.

عبّر عن رأيك بحريّة

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة نقدية في القوقعة : يوميات متلصص

حقارة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى

وسائل الاعلام " المفقودة "