وطني بيعرفني


بعد تسريب مسودة مشروع قانون الأحوال الشخصية (اقرأ أكثر عن مسرحية الظلمة ) مررت بفترة من الاكتئاب لم تكن نهاية المحادثات بالقانون ورفضه قلبا وقالبا كافية لإخراجي منها . شعرت منذ تلك اللحظة بإهانة أصابتني وأصابت مجتمعي وعائلتي جملة وتفصيلاً .

مع أن القانون لم يرى النور إلا انه ترك بصمته المزعجة في تفكيري وحتى في أحلامي . ليست المرة الأولى التي أشعر فيها بمضايقات مبنية على الكلمة الشاغرة لخانة الديانة في أوراقي الرسمية ، فقد سبق هذه الحادثة أكثر من موقف اصطدمت مباشرة بآراء ترى أن المسيحيين الشرقيين بشكل عام ليسوا أكثر من بقايا الغزاة الصليبيين وأن المسلمين "يتكرمون" عليهم بإبقائهم في هذه البلاد . كنت ولازلت أثور غاضبا أمام التحقير والاستهزاء هذا ، ودائما ما كنت أرثي نفسي أن المتكلم/الكاتب ليس سوى شخصية متطرفة يصعب عليه فهم أبعاد المشاركة والمواطنة والانتماء وأنه بفكره الإقصائي يحاول توجيه التاريخ والتلاعب بأحداثه وحقائقه بما يتوافق مع أهواءه أو بالأصح مع تطرفه .

استمرت هذه الأفكار المزعجة بالهجوم على أحلامي في كل يوم أتعرض له لتمييز طائفي ديني ، حتى قرأت مسودة المشروع ، عندها تحولت أحلامي بمجملها إلى كوابيس بكل معنى الكلمة . ما الذي حدث ؟ لماذا كثرت أصوات النشاز في حياتنا وواقعنا كسوريين ؟

متوتر ، هائج ، غاضب ، حانق ، منزعج ، اشعر برغبة وبحاجة للصراخ بأعلى صوتي .
هكذا حولتني أحلامي أو بالأصح كوابيسي من بعد ما لمست مباشرة واقع أن أصوات التطرف لم تعد مجرد نزعات شخصية ، بل وصلت إلى مراتب عليا قادرة على إحداث تغييرها المتطرف ونشر فكرها الإقصائي بشكل قانوني .

غسان صليبا وأغنيته " وطني بيعرفني " يشكلان العامل الوحيد الذي يستطيع تفريغ غضبي وإخراجي من حالة الاكتئاب وإعادتي إلى مزاجي الطبيعي .
كلمات الأغنية تبعث الأمان فيّ وتعيد تذكيري بأن وطني لا يتمثل بالأشخاص ولا بالقوانين ، والحقيقة المطلقة باستحالة استطاعة شخصية
متطرفة سوداء الطيف والفكر لعب أي دور بعلاقتي التي تربطني بالأرض والوطن .
مهما حدث من تغيير ستبقى الحقائق ثابتة ، والحقيقة هنا أنني أعرف وطني تماما كما وطني بيعرفني ..



وطنـي بيعرفني وأنـا بعرف وطنـي ... هوي اغتنى فيّ وأنا بوطني غني
زرعني بأرضه وأنا ... زرعته بكل الدني



للإستماع





للتحميل : انقر هنا




تعليقات

  1. ماعندي غير هالتعليق:
    يلعن ديني ع دينك .

    مع فائق احترامي ليلي اخترعون.

    سلام

    ردحذف
  2. حاسك موجوعة أكتر منيّ
    ماني فخور بحالي وقت بكتب عن اشياء مزعجة الي
    بس شو بيطلع بالايد ؟

    ردحذف
  3. لا انا ما اتأثرت ابدا لا بالقانون ولا بالغائو..

    مسرحية ظريفة بتلعب بعواطف الشعب شوي.. وبعدين بتبين روح الثورة والديمقراطية والحرية الموجودة عنا..وبيتم الغاء المشورع الظلامي تلبية لرغبات الشعب الحر الأبي..

    وتوتي توتي خلصت الحتوتي حلوي ولا *****.

    بخصوص الطائفية..فالوضعا شيء جدا بحلب.. في حين بحمص مثلا الوضع عم ياخد منحى تاني.. ولسا ما بعرف شو هيي العوامل يلي ساهمت بتقوقع المجتمع الحلبي دينيا بهالشكل..

    لاحظت مؤخرا اختلاف باللهجة بين الطوائف المتعددة.. وهالشي ما كان موجود سابقا..وبيدعيني للقلق..
    وبتمنى تكون ملاحظتي نتيجة صدفة ما..

    ردحذف
  4. المسرحية حتى لو كانت مجرد تلويح بالعصاية او جس نبض ليعرفوا مدى الانتشار العلمانية .. بتبقى مؤشر بشع لشي عم يدور بالأفكار ولفكرة موجودة بالبال .

    بالنسبة لحلب فما بعتقد في توزع طائفي بسوريا بقد ما هوي بحلب
    المناطق بالمجمل موزعة مو بس بحب الدين انما بحسب الطوايف والقوميات حتى التوزع الطبقي بين الاغنيا والفقرا مبني على اساس طائفي

    هلشي ما ولد اليوم أو بكرا
    سألت أبي وقلي انه هلشي موجود من وقت ما كان صغير
    بس ما انشغل عليه لهيك انتشر ووصل للمرحلة اللي هلق عم نعيشها .

    اهلا بمشيل

    ردحذف
  5. أنا معك بكل كلمة...

    بس المهم تعرف أنو اللي عم بيصير تمييز ديني بس هيدا تمييز طائفي عشائري وحتى عائلي... عم يعاني منو الجميع بالتساوي....

    ردحذف
  6. هذا عصر التطرف، ليس مهم عنوانه (التطرف) ، المهم أنه كذلك ، سواء كان دينياً، سياسياً أو حتى فكرياً.

    في كل مفاصل المجتمع تظهر بين الحين والآخر طفرة من الانواع التي ذكرتها تجعل فئة من المجتمع تقف ضدها ، ويبدأ الطرفين بالتضخم ليأخذا شكل ظاهرة فيه.

    إن عدت لتاريخ أغلب المتطرفين (أو تخفيفاً: المنحازين)وبالتحديد عشر سنين مضت فقط تجدهم كانوا على حياد من مسألة تطرفهم، حتى أتاهم الـ pick a side.
    أنظر إلى الميديا وبقية أقنية الاتصال في المجتمع من صغيرها لأضخمها، كلها تغذي العنف بأشكاله، اللفظي، الغرافيكي، المعلوماتي ككل، لاترحم المار بها دون موقف وموقف واضح ينسبه لإحدى الجبهتين.

    إن كان كابوسك قانون الأحوال الشخصية الجديدة ، فكابوسي يوم نصبح فيه "مصر ثانية" دينياً

    ردحذف
  7. سومر : هل تقترح علي رثاء نفسي بلبنان طائفي جديد ؟

    يورانيوم : الطفرة تحدث فجأة ، لكن التطرف وتزايد عدد المنضمين لمجموعة نبذ الآخر تتكاثر بطريقة مرعبة على الأقل بالنسبة لي .
    صفحات الانترنت تشهد على وجود "مذابح" من نوع أو آخر بين السوريين على هامش الحديث في منطقية القانون من عدمه
    هل يجب علي استبشار الخير بهذا بالألم ؟

    كابوسنا يختلف وييبقى حلمنا مشترك .. حلمنا بعلم تعلو فيه النجمتين في السماء .

    إلى كل من مرّ من هنا
    تصبحون على وطن .

    ردحذف
  8. لا أعرف لماذا تكرهني مدونتك؟ ورغم أنّني تركت تعليقا منذ يومين فإن التعليق لم يظهر!!
    صديقي؛
    مثلما استطعنا معا صدّ الصليبيين سنستطيع معا صد البن لادنيين (ابن لادن!)! وسنصل إلى مجتمع يقوم على هوية وطنية، وطنية وحسب، تستوعب الجميع.. تحيّاتي

    ردحذف
  9. باسل : بالتأكيد مدونتي لا تكرهك
    شو عم تحكي يا زلمة !!!

    كل ما هنالك أنه يتوجب عليك عدم كتابة أي حرف ضمن مربع التعليق قبل التأكد من أن خانة ملف التعريف قد أتمت التحميل وأخذ الاعدادت ، في حال كنت تكتب تعليقك ولم تنتهي الصفحة من التحميل سيحدث refresh بسيط للمربع وسيذهب كل ما كتبته مع الريح .

    بالنسبة للموضوع الأصلي ، أؤمن أن العلم السوري راية كافية لنحتمي بظلها جنبا إلى جنب ، ولو لم أكن مقتنعا بهذا الكلام لما شعرت بالأسى والحزن من غيابه في الواقع ، نستيطع ان نصنع المستحيل إن تشابكنا الأيدي ( وهنا لا أتحدث بالفراغيات والنظريات ، من يقرا ميسيرة يوسف العظمة والشيخ صالح العلي وجول جمال يعلم أن هذا الفكر والروح التي صنعت المستحيل لا عائق من اعادة زمنها ) لكنني لن استطيع مد يدي لشخص يشتمني على العلن !!

    سنصل إلى المجتمع الوطني ، كسوريون سنصل لكن طريق العقبات طويل أمامنا ويزعجني هذا الواقع .


    تحياتي لك باسل ولوجودك الفاتح للآفاق في صفحتي ، ودخيلك لا اتطالعلي اشاعة انو مدونتي بتكرهك .. بينضرب سوقنا بعدين :D

    ردحذف
  10. لاتقلق, اصوات التطرف مهما علت سيبقى صوت الضمير الحي اعلى منها...

    ردحذف
  11. "مع أن القانون لم يرى النور".. لم ير النور لأننا جميعا لم نستسلم هذه المرة لليأس والإحباط.. وأعلنا دفاعنا عن وطننا ومستقبلنا..
    أعتقد أن جملتك هذه هي الرد المناسب على ما تلاها..
    لذلك.. دعني أدعوك لنكون دائما شركاء متفائلين لا تلين لنا عزيمة من أجل مستقبلنا.. مهما بلغت الصعاب.. وأعرف أنك لا تعتبر هذا تنظيرا ولا شعارات.. فها هو الواقع بين أيدينا..

    ردحذف
  12. عذرا على التأخير بالرد والتعقيب على الردود لظروف وقتية بحتة .

    الطائر المهاجر : لكن صداها سيبقى طويلا في فضائنا يرهق تفكيري ويزعج احلامي .. شكرا لتواجدك المشجع في صفحتي .

    الاستاذ بسام القاضيي : في البداية سأحاول ان اعبر لك عن سعادتي بزيارتك الثمينة لصفحتي المتواضعة ، مشاعر الفرح والسرور بزيارتك لا يمكن تجسيدها بالكلمات والحروف .

    اعذرني على عدم قبول دعوتك لنكون شركاء متفائلين ، فالقرار ليس بيدي في الأمرين ، في الأول ( ان اكون شريكا لك ) فهو أمر بديهي كوننا نجتمع على طاولة تدعى ( وطن ) ، والثاني ( ان اكون متفائلا ) فلست بالشخص المتلذذ بالتعذيب المؤلم الذي أعيشه ، لكن الواقع يفرض نفسه علي ، التفكير بتداعيات فكرة المشروع لا يمكن تجاهله ولا يمكن اهمال نتائجه .

    احلم باليوم الذي نكون فيه احرارا من كافة القيود نملك أصوات حق نهّز بها الجبال الجاثمة على أحلامنا . صعوبة الحلم تمنعني من التفكير اننا حقا فعلناها وابعدنا القانون !! هل يعقل ذلك ؟


    مرة أخرى أكرر اعتذاري على التأخر بالرد ومودتي لكل من مرّ من هنا .

    ردحذف
  13. تحية

    معك لاديني سكن حلب حديثاً و أصطدم بواقع هو تخلف المسلمين و عنصرية المسيحية و سفالة المعاملة بين الأثنين

    لعنة الله أن كان موجوداً على حلب بكل طوائفها

    ردحذف

إرسال تعليق

لم ولن يتم فرض أي رقابة على التعليقات أو المساس بها من تعديل أو حذف.

عبّر عن رأيك بحريّة

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة نقدية في القوقعة : يوميات متلصص

حقارة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى

وسائل الاعلام " المفقودة "