حول الانتخابات الإيرانية والتنافس على المرتبة الثانية
لدّي صديق أحترمه جدا وألقبه بـ " الحكيم " ، يتميز الحكيم بأرضية فكرية خاصة به يبني عليها آراءه السياسية وقراءته للأحداث الدائرة في الفراغ السياسي
مع بداية الأحداث الإيرانية القائمة على هامش الانتخابات الرئاسية ، أعلن الحكيم حالة الاستنفار الشامل لمتابعة الثورة الشعبية .
بعكسه تماما لم أتفاعل مع الأحداث الجارية ولم أعط بالاً لها ، وكلما حاول فتح الملف الإيراني معي والتحدث عن تطورات الثورة ، استمع لما يقول من باب الاحترام لأجيبه بشكل مقتضب بعبارة "عادي ديما بصير هيك أشياء "
طوال هذه الفترة فضّلت عدم الدخول بتفاصيل الانتخابات الإيرانية لعدة أسباب سأقوم للمرة الأولى بالحديث عنها وسرد قراءتي لما يحدث بإيران .
لم أتعجب من فوز نجاد بفرق الكبير في الأصوات بينه وبين أقرب المرشحين له والبالغ بحسب التقديرات ( 11 مليون ) صوت ، فنجاد شخص وطن من المستوى الرفيع يعمل بكافة الأساليب على مصلحة بلاده ولا شيء سوى بلاده ،
كشخص حيادي قد لا تعجبني صيغة تدخله بالشأن اللبناني الداخلي ، وبالشأن الفلسطيني الداخلي ، بهدف الحصول على أوراق ضغط رابحة بيده ترفع من قبضته الممدودة لمصافحة يد الأمريكي وتقوي من عزيمته .
لكن الموضوعية تجبرني على احترام الشخصية التي تعمل لخدمة بلادها وإن لم اتفق مع أساليبها في التعاطي مع بقية الملفات .
اندلعت الثورة والانتفاضة وبحسب أحدث التعابير التي وصلتني " حرب التحرير الثانية " من قبل أتباع المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي، اثر خسارة الأخير في الانتخابات ، نزل المتظاهرون إلى شوارع العاصمة مرددين شعارات مثل " فليسقط الديكتاتور " بإشارة إلى احمدي نجاد، " أين صوتي " للدلالة على تزوير الانتخابات من قبل الدكتاتور نفسه.
فلنبدأ بفهم الشعار الأول شعار " فليسقط الديكتاتور "
تتشابه الشخصيات الديكتاتورية في العالم أجمع ببعض الصفات التي أجدها غائبة في شخص نجاد
فمن المعروف أن الحاكم الديكتاتوري يخنق الأصوات المعارضة له ويطمر أصحابها ، ليضع على نفسه هالة قدسية يحاكم من يخترقها بتهم تتعلق بالأمن القومي وما شابه من تهم تربط بين شخص الحاكم والتوجه القومي .
لم أرى احمدي نجاد بهذه الصورة عندما جلس في مناظرة نُقلت مباشرة على الفضائية الإيرانية على طاولة واحدة مع موسوي .. المنافس الأقوى له في الانتخابات
لينعته الأخير بالمستهتر والمخرب والغوغائي بالتصرف وأنه قام بتخريب إيران على الصعيد الدولي !!
لو امتلك صفة الديكتاتور لما ارتضى أن يجلس على نفس الطاولة ويحصل على نفس المدة الزمنية ليدافع فيها عن نفسه ويخاطب الشعب الإيراني بخطته وأهدافه بل كان من أجدر به ممارسة القمع بشكل مباشر ومنع منافسيه من إمكانية إحراجه بطريقة أو بأخرى أمام كل سكان البشرية .
إضافة إلى أن الشخص الديكتاتور يحاول بالمرتبة الأولى تنفيع ذويه وأقاربه وتسليمهم مهام حساسة ومحورية على الصعيد السياسي أو الاجتماعي لضمان فرض هيمنته واستمرارية حقبة حكمه لأطول فترة ممكنة .
في العودة إلى مسيرة نجاد نجد سجله خال من الممارسات المشابه ، دليل آخر على توجهه القومي الوطني وعدم صحة نعته بالديكتاتور .
يعتبر البعض أن الحرس الثوري وقوات الباسيج ومراكز المخابرات جزء من صفات الديكتاتور والأنظمة الديكتاتورية ، الحديث في هذه الجزئية يدخلنا مباشرة في الشعار الثاني المطروح من المتظاهرين "أين صوتي" وإن كان المعنى المراد به التشكيك بنزاهة الانتخابات وبنتائجها لكنه يصب في نفس خانة القمع المرتبط بالفعل الديكتاتوري
الدستور الإيراني المتعامل به قائم على نظام ولاية الفقيه ، شخصية الوالي الفقيه المتمثل اليوم أمامنا بآية الله خامنئي بناء على الدستور القائم من بعد إسقاط حكم الشاه تعتبر الشخصية الأولى في الجمهورية الإيرانية ، عملية الانتخاب بمجملها مبنية على التزام المرشحين بنظام الولاية وعدم التفريط به ، لا بل أكثر من ذلك فالمرشح يتم تاهيله إلى الانتخابات بعد الموافقة عليه من قبل الوالي !!
الأمر الذي يجعل من الفائز مهما كانت هويته الرجل الثاني في الدولة ، إضافة إلى أنه معرّض إلى الإقالة من قبل الوالي نفسه في حال تعارض توجهاتهما ، الشخص الأول المتمثل بالوالي مع الشخص الثاني المتمثل بالرئيس المنتخب جمهورياً .
وبالتالي يجب التفكير حقا بماهية شعار "أين صوتي " ، من الذي يهدد فعلا وجود الديمقراطية في إيران ؟
وما هو التهديد الحقيقي لصوت الناخب الإيراني ؟
فوز هذا أو ذاك بكرسي الرئاسة لن يغير من إمكانية إلغاء شرعيته بناء على رغبة الولي الفقيه ، فلو أراد أن يتجاهل تماما أصوات الأغلبية الإيرانية لفعل ذلك بموجب القانون دون إمكانية مسائلته عن الأسباب !
لو طالب الثوار بإسقاط نظام ولاية الفقيه بشكل مطلق لاستبشرت خيراً ووجهت نظرة الاحترام للشعب الفاهم تماما ماهية الديمقراطية وأبعادها الحقيقية ، لكن أحداث الحراك الشعبي القائم حاليا على هامش فوز "واجهة" حاكمة لن ولم يثير اهتمامي بأي شكل من الأشكال .
لا أعتبر نفسي مؤيداً لأحمدي نجاد أو رافضاً للمير حسين موسوي أو لمهدري كروبي ، فالأمر سيان بين المحافظ والإصلاحي وكل المرشحين بنظري أوجه متشابهة لنفس العملة الواحدة ، والتغيير الناتج عن اختلاف هوية الفائز يقتصر على تغيير واجهة الرجل الثاني في الدولة لا أكثر ، فأجندة المرشحين الداخلية والخارجية حتى متشابهة فيما بينها إلى حد كبير إن لم تتطابق بشكل كامل في أكثر من موضع !!
كمراقب خارجي وبالتحديد كمواطن سوري لا أرى في اختلاف هوية الفائز أي تغير بصيغة إيران التي نعرفها ، أكثر ما سيتغير هو تجديد الحوار الامريكي - الإيراني نتيجة تغيير الوجوه المتحاورة لا المعطيات الثابتة في توجهات البلدين الأمر الذي سيلحقه في حال حدوثه إحداث فروقات في بعض التبعيات ، ولا أعتقد انه يجب الخوض حالياً بالتبعيات التي ستحدث لأن فوز نجاد ينهي احتمال حدوثها وينفي صحة التوقعات المرتبطة بها .
كتير قرانا و تاملنا باحداث ايران و فكري رايح جاي
ردحذفاموضوع انحكى فيه كتير بس فكرك لو المعارضةاللبنانية اللي قامت بالتظاهر ؟ كان راي العالم هيك ؟
لو احمدي نجاد دكتاتور اظن انو الحرس الثوري كان نزل للشوارع من اول يوم او من اول ساعة
و اللي بتظاهروا من حقهم انهم يتظاهروا و يعترضوا بس لو جربوا شو بتعني دولة عندها اكتفاء و سلاح نووي مخلي العالم يطخي راسوا و قوة عسكرية مهيبة و اسلح وصواريخ اخرها كانت اول الامس ؟ كانوا ما اعترضوا بالهطريقة
بدهم عراق تاني ؟او افغانستان ؟ اذا الحرية كانت بالالوان كنا احنا اول ناس احرار
معك حق تماما
ردحذففي فرق كبير بين حفظ النظام بهدف القمع وبين حفظ النظام بهدف حماية المكان من التخريب
المشكلة أننا مانا مطلعين لأحداث الشارع الإيراني بدقة عالية ، وما كتير يفترض نعول على الوسائل الاعلام العربية بهلمجال لأن عندا نقاط عم تلعب عليها مسبقا وهدفها طائفي إلى حد ما وإقليمي لحد آخر
ذكرتيني هلق بجمهور منتخب انكلترا وكيف بينزل على الطرقات وقت بكون في مباراة للمنتخب ... بتحسي كأن حفظ النظام أكتر من الجمهور نفسه ، ليش ما منسمي هلحالة قمع وممارسة للديكتاتورية ؟
تحياتي الك
هلق بيجوز إنو ما في بايران كيان معارضة حقيقي ومتبلور وبالتالي ما ممكن يصير في ثورة منظمة وبتحمل أفكرا واعية ووضاحة بس الأكيد إنو من يوم ما قامت الثورة الاسلامية ما نزل حدا ع الشوارع بطهران بهل الشكل وبالتالي في حاجز معين انكسر وبخليني اشعر باحترام كبير تجاه الشعب الايراني يلي مازال حيا يرزق وبرأي هالنزلة أهميتها ما بتكمن بمبرارتها وإنما بكونها أسلوب جديد وقوي وعلني للتعبير عن الامتعاض أما أسبابها فما بظنها أكتر من ردة فعل على سياسات نجاد يلي رجعت مستوى التحرر الاجتماعي لورا أكتر من ايام خاتمي وطبعا هالموضوع بيهم الشباب بالدرجة الاولى بالاضافة لسياستو الخارجية المتعثرة وطبعا لتأييد وانحياز الولي الفقيه إلو وبشكل واضح.
ردحذفالحكيم عندنا !! يا مرحبا يا مرحبا
ردحذفلفتتلي نظري جملتك هي
"على سياسات نجاد يلي رجعت مستوى التحرر الاجتماعي لورا أكتر من ايام خاتمي "
شو نوع التحرر اللي عم تحكي عنه ؟
لو عم نحكي على انفتاح سياسي على المجتمع الدولي فأكيد معك حق ، لا بل التاريخ بأكد بأن أوضاع إيران الخارجية على زمن الشاه كانت الأفضل على الإطلاق
داخليا ما بئلك اني متطلع على الشأن الإيراني لهيك سؤالي جاية من جهل مو من تعجب ، شو التحرر الاجتماعي اللي عم يكبله نجاد ؟
مرة تانية يا مرحبا بالحكيم
تحية طيبة..
ردحذفالرئيس الذي سيُنتخب لن يكون واجهة بالمعنى الحقيقي للكلمة، له صلاحيات قادرٌ هو من خلالها على التغيير رغم أنها مؤطرة بمجلس صيانة الدستور ومجمع تشخيص مصلحة النظام (إلى حدٍّ)..
ليس هذا محور حديثي..
سأتحدث قليلاً عن السيد أحمدي نجاد.. السيد أحمدي نجاد شخص راديكالي شوفيني بامتياز.. هذا لا يعني بأنه الشخص السيء لبلاده.. على العكس شخص يحب بلاده ويحب دينه ويسعى للقيام بهما بأي شكل من الأشكال..
"عندما كان السيد أحمدي نجاد مجرد محافظ صغير كان يقدم الشاي فقط لزواره في مكتبه البسيط جداً رغم الميزانية التي كانت بين يديه..". انتماءه للمحافظين وسمعته الجيدة هذه جعل البسيجيين حرس الثورة للالتفاف حوله وتأييده.
المشكلة تكمن بأن السيد أحمدي نجاد ليس برجل سياسة، وحديثه الدائم في المحافل الدولية تعكس تماماً فقر الفكر السياسي عنده.. فالرجل ذو فم كبير جداً يزيد من سخط العالم بدلاً من تسييسها ويتحدث عن رؤيا وهواتف إلهية ومعجزات والخ.. على عكس ما كان عليه الرئيس السيد خاتمي.
النقطة الأخرى في حديثي بأن العرب دائماً يعتقدون بأن إيران إن استطاعت أن تصل إلى تسوية مع الولايات المتحدة فإنها حتماً ستبيع القضية العربية أو القضية الفلسطينية على وجه الخصوص.. وهذا شيء غير صحيح سواء بوجهة نظري أو بما يتم الحديث فيه في أروقة صنّاع الرأي الإيرانيين من الحزب المحافظ.. هذه الأمور تعتبر خطوط حمراء عندهم، أساس الثورة الخميني كله قائم على (مرگ بر أمريكا) الموت لأمريكا.. وهو شيء لن يسمح به الولي الفقيه السيد الخامنائي بكل الأحوال..
لكن يبقى هناك طريق واحد مفتوح لصقور البنتاغون وهو الدخول إلى إيران عن طريق المؤيدين للتحرر الاجتماعي.. أو استلام رئيس يدعي أنه سيفتح البلاد على العالم.
الإيرانيون يريدون إزالة العمائم من شوارعهم والحصول على حريات اجتماعية كما في عهد الشاه.. هناك ضغط كبير عليهم هذا ما ستلمسه مباشرة بعد زيارة بسيطة لطهران في ما يدعى بـ"البالاشهر". لكن ليس كلّ الشعب مثل هؤلاء.. بمجرد الانتقال إلى مدن أخرى كمشهد وقم ستلاحظ بأن الأكثرية هي محافظة.. والخمينية ما تزال تعشعش في رؤوس الكثيرين منهم.
فوز نجاد كان ديمقراطياً لكن يبقى الشك حول كمية الأصوات التي نالها.. أما من يثيرون الجعجعة في الخارج حول الانتخابات فهم إما يتعارضون مع إيران أيديولوجياً كدول الخليج أو سياسياً وإقليمياً كالولايات المتحدة وإسرائيل..
شكراً.. وعذراً للإطالة..
"شو نوع التحرر اللي عم تحكي عنه ؟"
ردحذفحريات اجتماعية.. حرية الشباب والفتيات بالمشي معاً... حرية دور السينما.. حرية لبس الحجاب أو رميه.. حرية التعبير حتى وإن تعارض ذلك مع الدين الإسلامي.. حرية الأفلام السينمائية.. حرية الكتابة.. تحرر المرأة.. عدم حجب مواقع الانترنت..الخ.. يعني بالنهاية أمور ثقافية واجتماعية عامة.. تح
أهلا بمداد
ردحذفلن أقول أنه واجهة ، نجاد أثبت في أكثر من موقف أنه ليس مجرد اسم
الرئيس الإيراني هو الرجل الثاني في الدولة بعد المرشد العام ، الدستور الإيراني واضح تماما في هذه الصيغة .
آراء نجاد الريديكالية تعبر عن شعبه وعن ثقافته الريديكالية التوجه ، أنا وأنت وكل الذي يتمنون إنتشار مبادء الانفتاح على التطرف نرفض كل أشكال الريديكالية والتطرف
لكن الديمقراطية لا تعني بالضرورة نشر الفكر "الصحيح" إن صحت تسمية توجه سياسي بالصحيح وآخر بالخاطئ
الشارع الإيراني ريديكالي بنسبة كبيرة منه ، اختار شخصية تمثله وتتطابق توجهاتها مع أفكاره .
تحدثت عن النظرة العربية إلى الكيان الإيراني .
وصراحة لا أتفق معك بالنظر إلى إيران وكأن قيمها مبنية على ترقية الحس العروبي والانتماء الاسلامي فوق الانتماء الوطني
لا أعتقد ان إيران معنية بتحرير فلسطين من عدمه ، أو توحيد الصفوف اللبنانية من تفرقتها
أعتقد انها تحاول فرض نفسها كقوة إقليمية في المنطقة تماما كما تفعل تركيا ، لذلك تقاطعت الدولتنا بالتوجهات المشتركة نحو تبيض الوجه في المنطقة بانتقاد الكيان الاسرائيلي
وفرض نفسها لا يتم إلا بإضعاف قائمة القوى الإقليمية الأخرى المتحكمة في المنطقة ، القائمة التي تتراسها اسرائيل .
شخصيا أعتقد أن المنطقة لن يكتب لها الاستقرار في يوم من الأيام ، قناعتي الشخصية وقراءتي للواقع يجراني نحو الاعتقاد أن مصاعب المنطقة لن تنتهي بتحقيق أحلام الدول الناطقة بالعربية بإسقاط الكيان الاسرائيلي
عندها سنرى صراع بين القوى المتقدمة لملئ الفراغ الذي سيتركها رحيل اسرائيل ، قد نرى صراعاً ضارماً بين تركيا وإيران على وجه الخصوص
لا أرغب الاسترسال في قراءة المستقبل ، فليس من عوايدي مصاحبة قارئة الفنجان .. لكن كلامك فتح جروحاتي :D
حاولت في التدوينة الرئيسية عرض تعجبي من الاختلاف بين مطالب المتظاهرين وشعارات الاصلاحيين
فتحقيق مطالبهم الأساسية يتم باسقاط ولاية الفقيه عن بكرة أبيها ، الأمر الذي لا يرضى به قادة الاصلاحيين قبل المحافظين حتى !!
الشارع الإيراني مستاء من وضعه الحالي ويعبر عن غضبه ، الاصلاحيين وعلى رأسهم موسوي استطاع استغلال الوضع وركوب الموجة الشعبية للخروج بمظهر قائد الثورة
مع أن الواقع يظهر تعارض مطالب المتظاهرين مع شخص موسوي نفسه !!
أهلا بك متى ما شئت ، سعدت بتعليقك الغني بالافكار .