معصوبة العينين مجروحة اليدين ملقاة على الأرض بجانب سيفها




مفهوم العدل ثابت لا يقبل التأويل أو الشك ، فإن حاولنا استخدام لغة الوصف والمصطلحات للاستدلال على العدل والعدالة ، سنكون بشكل أو بآخر نعرّف صفات - ثيميس- ذاتها التي آمن الإغريق أنها آلهة العدل والعدالة وبنت لرئيس الآلهة زيوس .
حتى وإن لم نكن نعلم بوجودها سنجد أنفسنا نرسم وبدقة الأبعاد الثلاثة والمتكاملة لشخصية العدل الحقيقية
بميزانها المتوازن للمقارنة بموضوعية ودقة بين كفتيه ،وسيفها البتار لنشر العدالة واقتصاص الحق بالقوة ، وعصبة العينين للدلالة على مبدأ عدم التفرقة وتفضيل احد ما عن غيره .

من باب الصدفة أرسل رفيق لي ( صاحب مدونة الطير المهاجر ) صورة كان قد أعجب بها واصفاً إياها بالصورة الغريبة من نوعها( الصورة التي في الأعلى ) وكانت سبباً بالنسبة له ليتأمل ساعات متواصلة بتفاصيلها .
وبالتحديد التأمل باستبسال الفتاة في الحفاظ على توازن كفتي الميزان ، فبالرغم من كل التعذيب والتقيود الذي تتعرض لها على يد شخصية مجهولة الهوية استطاعت الحفاظ على حالة التوازن تلك !!

أما أنا فوجدت وضعية السيف المحمول بيدها الأكثر رمزية ودقة في وصف حال العدل والعدالة ، فبالرغم من الدماء النازلة من جروحها ، وبالرغم من تجريد لقب الإلوهية عنها وإذلالها بالشكل الواضح بالصورة، لن تقم العدالة باستخدام سيفها وقوتها للدفاع عن نفسها !!
فمع أن السيف لازال بقبضتها إلا أنها لم ترفعه بوجه من يدنس طهارتها ، بل جلست على أوجاعها منتظرة من سيأتي ليخلصها ويدافع عنها .

استطاعوا تقييد العدالة بالطريقة المذلة هذه لأننا ظننا أن سيفها سيرهب من يحاول تقييدها ، وانه قادر على حفظ كرامتها وقدسيتها وقادر على حمايتها.

في الواقع نجد أن البسطار العسكري بقوته وبطشه قادر على تقييد العدالة وتمزيق جسدها وإسالة الدماء من جروحها وهذا أمر نعاينه يومياً في حياتنا من تجاوزات أمنية ومن اختراقات غير قانونية للقانون ومنح البعض أفضلية على بقية البشر بشكل مهين للقانون وقيمة المساواة الواجب عليه تحقيقها .
ومع تغييب مفهوم العدل قصراُ عن الواقع ستبقى العدالة حاملة الميزان بشكل ثابت في العُلى ، منتظرة من يعيد لها قدسيتها ويحررها من السلاسل المقيدة لها لتعود وتقف على أقدامها وتنشر العدل في الوسط الذي يحترمها ويقدسها ... في الوسط الذي يستحقها .

الحرية للعدالة من أيدي كل من يكبلها بالسلاسل ويعمد على إذلالها وتحقيرها لمصلحته الشخصية ، ابتداءً بالدورية المرورية الفاسدة انتهاءً بالقوى العالمية المتلاعبة بكفة الميزان الدولية .
صبراً يا ثيميس .

تعليقات

  1. "معصوبة العينين مجروحة اليدين ملقاة على الأرض بجانب سيفها"
    للأسف هذا وضع العدالة في الوقت الحالي.لكن لا اعلم ان كان حالها كحال ثيميس حاملة الميزان بشكل متوازن ورافضة استعمال سيفهاللدفاع عن نفسها.
    تحية لك ولقلمك غابريل

    ردحذف
  2. بالرغم من الجروحات و الالم الا انها لا تزال مؤمنة بأن العداله سوف تنصفها..
    لذا تجدها بعيده عن فكرة الاستسلام و الرضوخ لمعذبيها!
    كما ان الابيض لون السلام الذي لطالما افتُقد في هذه الحالات...(هكذا رأيت الصورة)

    سلمت يداك ..


    mary belle

    ردحذف
  3. الطائر المهاجر : أهلا بك صديقي ، العدالة لا تستطيع أن تغيّر من وضعية الميزان ، نحن من يحاول القيام بذلك عن طريق تقييدها ومحاولة عزلها وازلالها ..

    يا مرحبا بك .

    ماري بيل : لونها الأبيض كانت قد تبنته منذ أن كانت طاهرة مقدسة من قبل الشعب ، دفعتني للبدأ بالتساؤل .. هل سيتغير لونها مع الأيام في حال بقاء الأحوال كما هي ؟

    شكرا

    ردحذف
  4. حتى لو اهتز الميزان قليلا
    سيرجع ذات يوم الى اتزانه

    اما البسطار له نفس الوجه على مر الزمن

    رائعة بحق
    اسمحلى استعيرها منك

    ردحذف
  5. عجبني الأمل اللي بالصورة اللي بتدل عليه الزهرة فقد ما خيم الظلام لابد للشمس بأن تشرق

    ردحذف
  6. جفرا :
    يمكنك الحصول على نسخة أكبر من الحالية عن طريق النقر على الصورة لتظهر بشكل أوضح وأبعاد أكبر " نسبيا "
    هنيئا لك الأمل بعودة العدالة


    جدل : زين عندي بالصفحة !!
    بتعرف اني ما كنت منتبه للوردة اللي بالصورة
    الهيئة هلصورة بحاجة لأكتر من ساعتين تأمل فيها ليقدر الواحد يفهم كل معانيها

    ردحذف
  7. العدل في الارض يبكي الجن لو نظروا-جبران-

    كم هو مؤلم منظر ثيميس لاحول لها ولاقوة

    بل لها قوة ولكنها قررت عدم استعمالها

    ولكن هناء دائما وردة بيضاء تُشع أملا

    تحياتي صديقي

    دائما تضع البرغي في الجرح

    طوروس من معبد الياسمين

    ردحذف

إرسال تعليق

لم ولن يتم فرض أي رقابة على التعليقات أو المساس بها من تعديل أو حذف.

عبّر عن رأيك بحريّة

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة نقدية في القوقعة : يوميات متلصص

حقارة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى