كاسات - سجينة
نتكلم دائما عن الحرية وتقييدها بالسجن معتمدين على حقيقة مطلقة بالنسبة لنا تقول أن السجن وحده المكان الذي تنعدم فيه الحرية ، وأن الحياة الطبيعية هي المكان الذي نعيش فيها أحراراً
مع أن الطبيعة حاولت مراراً وتكراراً تعليمنا أن السمك يموت اختناقاً عند تنفسه هوائنا "النقي" .
عجيبة هي قدرة القضبان على خلق المساواة بين كافة الطبقات الشعب والفئات المختلفة من ناحية المستوى الاجتماعي والفكري حتى
فنراها تضع وبكل بساطة اشارة المساواة بين المهندس المتخلف عن العسكرية مثلا وبين مرتكب عملية السطو المسلح عن سابق إصرار وتصميم
لتجعل أداة النداء المشتركة للجميع " يا خرى " فعالة جداً
ولتشعر (الخروات) بالجو الحميمي وقدرة هواء ما خلف القضبان على تأمين المساواة المفقودة تحت أشعة الشمس
وليحيا الإصلاح ..
عندما ترى طائر الباشق ينتحر بغرز منقاره بوسط صدره عندما يجد نفسه حبيس القفص
ستدرك تماما الهدف من تجريد السجناء السياسيين في المعمورة كلها من ملابسهم وأربطة أحذيتهم .
وستجد نفسك متعاطفاً مع الإنسان الذي قرر إنهاء مسيرته بالحياة منتحراً ، فالحكم بالسجن المؤبد المرفق بالأعمال الشاقة داخل زنزانة منفردة من سجن حدوده السماء ليس بالأمر الذي يتقبله البعض بسهولة ..
أخلع قبعتي احتراما لعمر الخطاب ولكل من ولدته أمه حراً .
أحزن لواقع أن عدد المجرمين خارج السجن يفوق بكثير الأعداد التي بداخله
كتوضيح لموقفي أقول : لست حزيناً من تلك القضايا المسجلة ضد فاعل مجهول ، بل من القضايا التي نعلم تماما من المجرم فيها .
لجورج بيرناد شو قول يعجبني جدا :
" المدرسة في بعض الأحيان أشد قسوة من السجن ، فعلى سبيل المثال ، وأنت في السجن لست مضطراً لقراءة كتب ألفها الحراس والحكام "
يجدر بالذكر أن جورج بيرناد شو لم يدرس يوماً المادة المدرسية المعنونة بـ " التربية القومية الإشتراكية "
يطالب البعض التضييق على المثليين وإجبارهم على الالتحاق بمراكز المعالجة و"إعادة التأهيل" بحسب أحد المفردات التي قرأتها مؤخراً
قبل أن نفكر بماهية الإصلاح المطبق على المثليين وما هي الأهداف المرجوة من هذه الخطوة
لنفكر قليلاً بآلية كشف الميول الجنسية للإنسان المثلي ، شخصياً أتوقع اعتماد اختلاف درجات لون الشعر لتمييز المثلي عن البقية ..
لو لم يستطع العلماء كسر القيود التي وضعها عالم ما سبقهم بالوصول إلى الفكرة لما استطاعوا يوما تحقيق أي تحديث أو تقويم للنظريات التي سجل التاريخ تطويرها من قبلهم
هل نستطيع يوماً كسر قيود الآيات والنصوص للوصول إلى علاقة مباشرة مع الله أم سيبقى فكرنا حبيس الكلمات ومحدوداً بالألفاظ .
نقول : فليكن السجن بعيداً عن الانتقام والإذلال للخاطئ وليكن بهدف عزله عن جسد المجتمع على أمل عودته للحياة بشكل طبيعي بعد التأكد من إتمام عملية إصلاحه وإعادته للدرب القويم .
نلاحظ أن المدارس أولى بخطوة الإصلاح من السجون وسلم الأولوية يوجهنا لإصلاح طلابنا المرجو منهم خيراً قبل الاهتمام بإصلاح مصير من أخطأ وانحرف
نمحو كل السطور ، نشطب بالقلم العريض كل الأحرف والكلمات التي كتبناها لننضم إلى الأغلبية صارخين : " اشنقه ... اشنقه "
الصورة في الأعلى للرسام الفرنسي( جان-بيير هوي ) بعنوان " زنزانة في سجن الباستيل "
رسمها للتعبير عن الاستياء من ظلمة السجون وواقعها المذري المتجسد بغياب العامل الإصلاحي فيها وإعادة تأهيل السجناء المرجو منها .
وجدت فيها مشهداً مناسباً لوضعنا الحالي .
مصدر الصورة
تحيّة طيبة ... كلمات مؤثّرة جدّا، و مليئة بالأفكار القابلة لأن تتحوّل إلى نقاشات ... خالص ودّي
ردحذفباسل
يسعدني وجود من يستسيغ تذوق ما يسيل من قلمي
ردحذفتحياتي لوجودك