Arbeit Macht Frei

منذ فترة قريبة قرأت بعض المواضيع المتعلقة بالمحرقة النازية ، قادتني الصفحات المتتالية والمقالات المترابطة إلى مقال عن المعسكرات التي أنشأتها السلطة النازية في جنوب بولندا ، سُرد في المقال تفاصيل عن معسكر يعتبر الأكبر في تلك المنطقة والأكثر شهرة ، يدعى Auschwitz ، المعسكر هذا يندرج ضمن قائمة مراكز الاعتقال التي أنشأت في الحقبة النازية ، فيها تم حرق المعتقلين السياسيين والأقليات العرقية كالغجر واليهود إضافة للشاذين جنسيا . في معتقل Auschwitz نجد أربعة غرف منفصلة مجهزة لإتمام عملية قتل المعتقلين بغازZyklon-B والذي يتم تصنيعه بالأصل كمبيد للحشرات( !! )، ونجد فيه أيضا أربعة غرف أخرى مزودة بأفران حرارية ليتم فيها حرق - بكل ما تحمله معنى كلمة "حرق" من وحشية يصعب علينا تخيلها - المعتقلين الأحياء وتحويل أجسادهم إلى هباب فحم .
عام 1947 قامت دولة بولندا وبعد حصولها على استقلالها بتحويل موقع المعسكر إلى متحف عسكري تمجيداً لضحاياها ويعتبر المعسكر سابقا والمتحف حديثا من أكثر المناطق استقطاباً للسياح واجتذابا لهم .
المثير بالاهتمام وجود على مدخل المتحفعبارة مكتوبة باللغة الألمانية والذي اخترته كعنوان لهذه التدوينة:
Arbeit Macht Frei
ترجمتها الانكليزية :Work makes One free
العربية : "العمل يحرر الإنسان"
توقعت بشكل بديهي أن الحكومة البولندية وضعت هذه العبارة كتأكيد على أن العمل الجاد الباحث عن الحرية لا بد ان يثمر يوماً ، تكريماً لأرواح الضحايا الذي قتلوا كالعبيد ولم يذوقوا قط طعم الحرية .
إلا أن الخبر الصاعقة كان عند معرفتي أن العبارة السابقة قد وضعت في الحقبة الألمانية ذاتها وليس في أي حقبة أخلى تلتها !!
وأكثر من ذلك ، وجدت عدد لا بأس به من مراكز الاعتقال النازية ومخيمات التعذيب ومراكز التصفية العرقية كان قد وضع على مادخلها الجملة السابقة !!
فـ "الحكمة" أو "الجملة" السابقة المأخوذة أصلا من المؤسسات الاجتماعية والمراكز الثقافية النازية ومنها انتشرت لتصل حتى أبواب المعسكرات التي تحجز خلفها أصوات أخاف تخيل مدى الألم المرفق بها وحجم الغصة التي تعانيه حنجرة مصدرها .
عند اطلاعي على هذه الجزئية تبادر إلى ذهني فورا صورة الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز في ظهوره قبل ستة أشهر تقريبا على شاشات التلفزة تزامنا مع المحرقة الأخيرة التي أجريت على أهالي غزة العُزّل ، أتذكر كيف خرج ملقياً على مسامعنا كلمات الحزن الأسى معبراً فيها عن احترامه لحق الأطفال الشهداء بالحياة آسفا للواقع الذي يعيش به الفلسطينيون يوميا متمنيا للفلسطينيين الحصول على هواء نقي والقدرة على العودة إلى نمط حياتهم الطبيعية وإنهاء ازمتهم الحالية بأسرع وقت ممكن .
يبدو أن مجرمي الحرب عبر التاريخ الطويل يملكون برصيدهم أقول خالدة وجمل معبرة بالمضمار الإنساني... هم آخر من سمعها وفهم حقيقة معناها .

مصدر الصورة

تعليقات

  1. شي مقرف مش هيك؟؟
    يعني بحياتك, بتشوف انسان كذاب عم يدعي انه هو صادق, وبحياته ما كذب بتقوم بتبلعها احيانا, واحيانا ما فيك تبلعها..
    بس مجرم بكل ما تحمله الكلمه من معنى, واجرامه مش محتاج الاثبات بيدعي الانسانيه, وبيعطيك محاضره ودرس بحقوق الانسان, لك هيدي كيف بدك تبلعها؟؟
    لاء والمصيبه انه حكامنا بدون يخلونا نبلعها غصب عنا طيب كيف؟؟
    طيب خليهون يكذبوا كذب يتصدق, والله ساعتها بحاول ابلعها, وبغنيلهون غنية كذبك حلو..
    ما في اكثر من هيك احتقار لعقولنا ومشاعرنا, وما بعرف شو بدي قول اكثر خايفه احكي اكثر من هيك وساعتها مجلدات ما بتكفيني.
    تحياتي
    جنين2002

    ردحذف
  2. حنين : أملنا الوحيد بصفحة منصفة بالتاريخ بتذكر فيها وحشية مجرمي الحرب .. وعايشين على هلأمل هاد ..

    ردحذف
  3. في عبارة قالها ستالين بحترمو عليها لانها لخصت فكرتو عن العمل السياسي "الموت يحل جميع المشاكل لا يوجد رجال لا يوجد مشاكل".
    ثقافة الموت وتقتيل الآخر وافناؤه دائما يؤدلج لها(مصطلح أدلج للشيء جعل له أيدولوجيا) وهذه الأدلجة سابقا كانت معدة للاستهلاك الداخلي ولحض المشاركين على مزيد من التعصب للفكرة.

    اما اليوم فيبدو ان غايته هي الخطاب العالمي وكسب التأييد العالمي وهو ما تقوم به اسرائيل بغير حق ونفشل من الاتيان بمثله رغم الحق الساطع فنحن نستبدل بالكلام دورنا كضحية ونحوله بالوعيد والتهديد لجاني المشلكة أن استهلاك هذا الخطاب شعبيا في تزايد مضطرد.

    ردحذف
  4. المؤيد : أعتذر عن عدم تعقيبي لعدم معرفتي بوجود تعليق على هذه التدوينة ، الآن من باب الصدفة لاحظت وجود التعليق لذلك أكرر اعتذاري .

    المواقف المتبناة ولغة الخطاب أشد أهمية من الوقائع بحد ذاتها ، وتبني الخطاب الهجومي لأصحاب الحق يقدم هدية للكيان الصهيوني حتى يدعم قضيته ويثبت "تمسكنه"
    طالما الإعلام خامل عربيا فاسرائيل متقدمة على بقية الدول قبل ان تطلق رصاصة واحدة .

    ردحذف

إرسال تعليق

لم ولن يتم فرض أي رقابة على التعليقات أو المساس بها من تعديل أو حذف.

عبّر عن رأيك بحريّة

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة نقدية في القوقعة : يوميات متلصص

حقارة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى

وسائل الاعلام " المفقودة "