خلاصة عمليتي الجراحية
طلبت مني الجلوس بهدوء إلى حين انتهاءها من تعقيم الأدوات الجراحية
استلقيت ونظرت إلى الإنارة المركزة فوقي والموجهة إلى رأسي لتحقيق أفضل رؤيا للطبيب اثناء العمل الجراحي
لم استطع إخفاء توتري خصوصا أنها المرة الأولى التي سيتم تخديري بها ، فبالرغم من الطمأنينة التي نجحت الطبيبة بزرعها في نفسي ، إلا أن صوت تصادم الأدوات الحادة أثناء التعقيم كان كفيلا ليس فقط لإزالة الطمأنينة بل إلى زرع الخوف عوضاً عنها.
الأمر الذي جعلني أسيل على الطبيبة بوابل من الأسئلة ، التي لا توصف إلّا بالتعجيزية ، بالرغم من إدراكي الكامل لما افعله " فعندها لم أكن بعد تحت التخدير " إلا أنني لم استطع إيقاف نفسي عن الأسئلة الساذجة المتعلقة بالعمل الجراحي والتي يُستحال إجابة عنها بعيدا عن التقدير والفرضيات وبنفس الوقت يمكن الحصول على إجابة دقيقة وشافية لها بعد دقائق معدودة ، إلا أن الصبر وأنا لم نكن على وفاق حينها .
كسؤال : كم ستطول مدة العملية ؟
كم عدد الشقوق التي سيتم أحداثها في رأسي ؟
كم هي كمية الدماء التي سأفقدها ؟
هل سأشعر بالألم أثناء العملية ؟
هل سأبقى مستيقظا مدركا لما حولي أم سأدخل في حالة من عدم الإحساس الشامل ؟
وما إلى ذلك من التساؤلات المبهمة غير المنوطة بإجابة شافية .
خلال سيل الأسئلة الساذجة كانت الطبيبة تستمع إصغاء وبابتسامة رقيقة وعفوية وكانت وفي نهاية كل جملة ترد بها عن احد تساؤلاتي تطلق دعابة ما ، وبالرغم من عدم اكتراثي بالإجابة بحد ذاتها لأن عقلي لم يكن يعمل على استيعاب الإجابة بقدر انشغاله بتحضير السؤال التالي ، إلا أنها لم تشعر بالإهانة لعدم تأثير طرفتها ودعابتها بل بقيت تستمع إلي بإنصات لتجيبني مرة أخرى .. وتطلق دعابة مرة أخرى .
الحال الذي انتهى بعد مضي ربع ساعة من العملية ، فبعد تخديري بشكل موضعي لم اعد اشعر بشيء سوى بلمسة يد الطبيبة على رأسي والتي لم ارغب بتشتيت تركيزها ، إضافة إلى حصولي على قسم كبير من الإجابة التي كنت ابحث عنها من ناحية الشعور بالألم وناحية الادراك ، فلم تعد لاسئلتي اي معنى كوني كنت حينها اعيش الحالة التي استفسر عنها .
استمرت العملية لما يقارب الساعة والنص أمضيت معظمها أتخيل ما الذي يحدث فوق رأسي بناء على الأصوات التي التقطها وعلى اللمسات التي شعرت بها .
مع انتهاء العمل الجراحي نهضت من على الكرسي لأرى خلفي امرأة ملوث كل من يديها وثيابها بدمائي ، نظرت إلي وقد ظهر على وجهها الابتسامة ذاتها التي كانت مرسومة قبل بدء العملية وقالت لي بنبرة الشخص المتحدث بالبديهيات " خلصنا "
وسألتني رغبتي برؤية الأجزاء التي تم استئصالها وبالتأكيد كانت إجابتي بالنفي لعدم قدرتي على مشاهدة مثل تلك الأمور .
وأنا خارج من باب الغرفة ألقيت بنظري على الجالسين في قاعة الانتظار ، كانوا مثلي تماما أناس خائفون يملكون الكثير من الأسئلة الساذجة ، سيطرحونها فور دخولهم إلى الغرفة التي خرجت منها لتوي ، على طبيبة ستعاملهم بقمة الإنسانية وقمة العطف والحنان لتحاول تهدئتهم وطمأنتهم ، وبذات الوقت تمتلك من الشجاعة والقوة ما يكفي لحفظ ربط جأشها امام منظر الدماء دون أن تشعر بالفزع أو بالاشمئزاز .
عندها علمت لما يعوّل الكثير على مهنة الطب ولما يصفونها بالإنسانية ، فعلى الطبيب الجمع بين قسوة القلب لتحمل الحالات المرضية والمشاهد التي يراها ، وبين رقته للتعامل مع المريض بعناية فائقة وإنسانية مثالية لأبعد الحدود .
عدت إلى منزلي وفي رأسي ثلاثة ثقوب متوضعة في ثلاثة مناطق مختلفة منه، وفي قلبي امتنان كبير للقدر الذي حدد لي مهنة سأزاولها في المستقبل متعاملا مع الآلات بعيدا عن هموم البشر وأوجاعهم وأسئلتهم السطحية والساذجة .
"عدت إلى منزلي وفي رأسي ثلاثة ثقوب متوضعة في ثلاثة مناطق مختلفة منه، وفي قلبي امتنان كبير للقدر الذي حدد لي مهنة سأزاولها في المستقبل متعاملا مع الآلات بعيدا عن هموم البشر وأوجاعهم وأسئلتهم السطحية والساذجة ."
ردحذفدائما آخر فقرة او آخر جملة من المقالات اللي بتكتبن بتخليني اسرح بتفكيري وبتوضح دائما المعنى المراد من المقال
يمكن هاد هوي السبب اللي بخليني حب كتاباتك وتابعها بشكل مستمر واكسر البروكسي حتى اقدر اوصل لصفحتك
مع كل محبتي لقلمك ولاسلوبك
اخيرا نجحت اني اكتبلك تعليق
ردحذفاول شي عملية شو هاي؟؟
تاني شغلي
فعلا التعامل مع البشر صعب بس الملفت للنظر صديقي انك شفت نموذج جيد وفي نماذج اضرب بكتير
بتعتبر المريض حقل تجارب
اذا المشفى العسكري قريب منك فوت وشوف
مسا الخير
ردحذفعملية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ سلامات ؟
في مرة اصابتني حساسية جلدية من الازهار و الاعشاب ذهبت الى الطبيبة و بعدما سالتني الاسئلة المعتادة
قالت لي لا اعرف ماذا ساعطيكي؟
قلت لها ابرة و ذكرت لها اسمها
قالت : لا روحي و لما تنتشر الحساسية بكل جسمك بعطيكي الابرة و بكون متاكدة
بس طمنا عليك ..... و الف سلامة
جورج : أسعدني وجود من يستسيغ قلمي ويتابعه .. شكرا لوجودك .
ردحذفطارق : لازم نكسر زبدية صينية !
اخيرا مشي حال نموذج التعليق معك
من بعد عمليتي خرجت بقناعة بأن الطب قيمة انسانية اكتر مما هوي صفحات وحالات مرضية
وبكل " مهنة " بتلاقي المنيح والعاطل .. وبأكدلك كل دكاترة البلد أصحاب السمعة الطيبة هنن الأشخاص الانسانيين .. عقبال ما تكون من الأيام احد هي الاسماء .
جفرا : سليمة القصة يعني ماكان فيها خطر على الحياة او شي من هلأشيا :)
الجماعة حسو انه ذكائي خارق للبشرية فحبوا يستأصلوا جزء من دماغي لا اكتر ولا اقل
*قصة اورام بالخلايا القاعدية مدري بقاعدة الخلايا لهلق ما عرفت الاسم بالضبط .. بس انه انحلت ومشي وحاليا بطور النقاهة .
شكرا لوجودكم
عبق الله أوقاتك بكل اسباب السعاده والشفاء
ردحذفربما للوهلة الاولى أشعر أنني كنت أنا الملقى على السرير أحاول ببساطة أستشراق لحظه
ولكن مع مرور الوقت أنتابتني سعاده غامضه وخصوصا عندما يصادفك في الرحيل حبر قلم ينقلك الى عالمه بسحر الكلمه
مع أطيب أمنياتي بالربيع
تحية عبور
مرفأ الأحلام : لن اتمنى لك المرور بمرض او سوء لتشعر بالحالة التي عشتها- لا قدّر الله -
ردحذفبل سأتمنى لك المضي قدما في الحياة حاملا روحك الطيبة لتنشر رائحة قلمك العطرة في الأماكن التي بجوارها .
تحية لعبورك