السلامة المهنية



الحكومة تدرس ربط أجور وتعويضات عاملي القطاع العام بالمرتبة الوظيفية والكفاءة "
عنوان عريض لخبر نشرته سيريانيوز يوم الثلاثاء الماضي ، وان كانت التدوينة لا تدور في فلك الخبر ذاته إلا ان العنوان السابق دفعني إلى التفكير بنقاط عديدة أهمها واقع العامل السوري ومدى سوء الظروف الصحية التي يعمل في ظلها مقارنة مع المستوى المطلوب تحقيقه ، فشروط الأمان والسلامة التي سارعت وزارة التعليم العالي لوضعها ضمن مقرر " اقتصاد وأمن " لكافة الفروع الهندسية ، لم تستطع الخروج من صفحات المنهاج الدراسي لتجد نفسها فعّالة على ارض الواقع ، بل بقيت حبيسة لا يتم التعامل بها إلا داخل قاعات التدريس والدفاتر الامتحانية .
تلك الشروط التي لطالما استفسرت عن سبب غيابها الواضح في المخابر التطبيقية التي التحق بها خلال دراستي، فكيف لك أن تقترب من آلة كتب عليها بالخط الواضح والعريض – احذر من الاقتراب قبل التأكد من تجهيز أساليب الوقاية والأمان – وهل تكفي كلمة " لك شبك ابني قرّب لا تخاف " التي يلقيها عليك القائم على المخبر متحديا رجولتك آن تكسر حاجز التنبيه المرفق من الشركة المصنّعة ؟
اذكر في هذا الصدد حادثة جرت أمامي مباشرة في مخبر - الالكترونيات الصناعية وتجهيزاتها - والذي يشتمل على آلات مصغرة مشابهة للآلات الصناعية العملاقة، الحادثة هي إصابة احد زملائي بقوس كهربائية نتيجة ضعف التجهيزات المرفقة بالآلة ، فمن شروط السلامة في التجهيزات المشابهة ، تأمين أرضية خشبية حول الآلة لمنع تسريب التيار عبر جسم الإنسان ، حيث يلعب الخشب دور العازل الذي يؤمن سلامة الإنسان ، إضافة للتأكد من ارتداء العامل للكفوف العازلة المصممة خصيصا للتعامل مع الآلة ، ومع غياب الأرضية الخشبية والكفوف العازلة سقط زميلي ضحية الاستهتار وعدم مسؤولية القائمين على التجهيزات .
لن أنسى حالة الذعر التي وقع الجميع بها ، فرؤية جسد ما يختلج للحظات ويرمى بعدها ليسقط على الأرض مغميا عليه ليست بالأمر البسيط الذي نمر به كل يوم ، ولا أستطيع نسيان المزحة التي ألقاها مدير المخبر بعد أن تأكدنا من إمكانية وقوف الطالب على قدميه :
- " شايف .. هي خليناك ترقص ديسكو ببلاش"
إن كانت التجهيزات الدراسية التي يفترض أن تكون نموذجية ، لا تشتمل على مواصفات السلامة للطلاب... فكان الله بعون العامل الذي يتعرض خلال عمله إلى ظروف اشد خطرا على حياته واشد تهديدا لمستقبله ، فأي تعويض يمكن أن يُقدم لعائلة فقدت معيلها نتيجة ظروف عمله الصعبة وعدم توفر وسائل كافية تقيه من الخطر وتضمن له العودة سالما إلى أسرته .

تعليقات

  1. عندما لا يحترم المسؤول انسانية المواطن هل تعتقد انه سيهتم بحياته و سلامته
    كتير قرانا و درسنا عن الديموقراطية و القومية و النصر و حتى الدين لكن هل بالفعل في شي مطبق عنا
    لما بعتبرونا بني ادميين بصنفونا بفئة جنسية او اقامة او قديش معك مصاري ؟
    يعني انسان من الدرجة العاشرة بكل المقاييس
    انا مو متشائمة لكن بلشت افهم كيف الحياة بتكون

    تحية لقلمك اللي احيانا بفتح كتير جروح
    و بتكى شوي عليها

    ردحذف
  2. عنجد فعلا شي غريب
    انو شي بضحك وببكي بنفس الوقت
    للاسف

    ردحذف
  3. أنو للأسف بلادنا وجامعتنا بدي قول بهالمستوى...مابعرف عنجد مو معتبرينا بشر؟؟؟ طول عمري عندي امل انو نحنا بخير؟؟ بس حادثة رفيقك هزتني مابعرف شو عملت فيني؟؟ عنجد معقول شو درسنا مايكون مطبق؟؟


    وتعليق ع رد jafra
    متاكدة انو التعامل عم بيكون ع انو انسان؟؟


    ابو الطون رائع كالعادة

    ردحذف
  4. جفرا : انا من جهتي متشائم ومتشائم كتير ، في ذرات وعي مفقودة بربط الحس بالواقع ،كلنا منقدر نعدد ونحفظ ونعيد وننادي بقيم ، بس يا ترى هل فعلا نحن مؤمنين بالقيم ومنحاول تطبيقها ؟
    اصابع اللوم بوجهها للمسؤولين وكلي ثقة اني ما عبظلم حدا ، الشعب مانه واعي والشعب ما بقدر والشعب ما عنده نظرة وبعد ومفهوم للواقع ، هلشي ما بشيل اصابع الاتهام علمسؤول اللي شغلته يعلم الشعب ويوعيه ويخلقله نظرة ذات بعد ، لا بل وجود الشعب بهاي الحالة المذرية من الوعي عذر اقبح من ذنب كونه ناتج بالاصل عن تقصير في المسؤولية .

    جرجرتيني بالحكي يا جفرا ، اذا صرلي مع الايام شي الحلاوة اسبوعيا على حسابك (:

    غير معروف: بتأسف وقت بتصير حياتنا مضحكة ومبكية ... بصف جنبك باعلان تأسفي ...

    عيون فتاة : مابعرف عنجد مو معتبرينا بشر؟؟؟

    مو مو خيتو صدقيني مو .

    " بس حادثة رفيقك هزتني مابعرف شو عملت فيني؟؟ "

    القصة صرلها سنة تقريبا ولهلق كلما بسمع مصطلحات متل " تعويضات ، عمال ، قطاع عام "
    بتذكر الحادثة وكأنها عما تتكرر قدامي ... فتخيلي شو نوع الهزة اللي عملتها فيني ...


    يا هلا بلكل

    ردحذف

إرسال تعليق

لم ولن يتم فرض أي رقابة على التعليقات أو المساس بها من تعديل أو حذف.

عبّر عن رأيك بحريّة

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة نقدية في القوقعة : يوميات متلصص

حقارة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى

وسائل الاعلام " المفقودة "